الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 10 - 1428 هـ
18 - 10 - 2007 مـ
11:28 مساءً
__________
موسوعة خطاب المهديّ المنتظَر إلى جميع المُسلمين والنّاس أجمعين..
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى سمو الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وجميع إخوانه وأفراد الأسرة الحاكمة أولياء بيت الله الحرام، وإلى جميع قادات العرب والعجم، وكذلك إلى سماحة الشيخ مفتي عام المملكة العربيّة السعوديّة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلميّة والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وكذلك فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، وكذلك إلى جميع أصحاب الفضيلة بهيئة كبار العُلماء بالمملكة العربيّة السعوديّة، وكذلك إلى جميع أصحاب الفضيلة من عُلماء الأمّة الإسلامية، وكذلك إلى جميع علماء الديانات السماويّة، وكذلك إلى جميع عُلماء الفلك بالآفاق في العالم أجمعين، وكذلك إلى جميع الشعوب البشريّة، وسلامٌ على المُرسلين ومن تبعهم بإحسان لا أشرك بالله شيئاً ولا أفرق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المُسلمين، ثمّ أمّا بعد..
يا أيّها النّاس لقد أدركت الشمس القمر في أول الشهر آية للمهدي المنتظر من البيت المطّهر، قد جعلني الله للناس إماماً لأهديهم صراطاً مُستقيماً وأنذرهم من عذابٍ أليمٍ، وزاده الله بسطة في العلم على جميع عُلماء الأمّة ليكون ذلك برهان الإمامة والزعامة لقومٍ يؤمنون، حقيقٌ لا أقول على الله غير الحقّ ومن أظلم ممن افترى على الله ورسوله كذباً فليتبوأ مقعده من النّار ولن يجد لهُ من دون الله ولياً ولا نصيراً، وأُقسم لكم بالله العليّ العظيم البرّ الرحيم ربّ العالمين الذي خلق الإنسان من طين وجعل نسله في قرار مكين الذي رفع السبع الشداد وثبّت الأرض بالأوتاد وأهلك ثمودَ وعاداً وأغرق الفراعنة الشداد الغفور الودود ذو العرش المجيد فعَّال لما يُريد الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور الذي يبعث من في القبور وإليه النّشور إني أنا المهدي المنتظر خليفة الله على البشر من أهل البيت المُطهر، ولم يجعل الله حجّتي عليكم القسم ولا الاسم بل العلم، فزادني على علماء الأمّة بسطة في العلم فأيدني بالبيان الحقّ للقرآن من نفس القُرآن، فلا يُجادلني أحد من علماء الأمّة إلا غلبته بالعلم والسلطان من القُرآن العظيم، فألجمهم بالقرآن العظيم إلجاماً، وكذلك بسُنَّة رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - التي لا تُخالف حديث الله في القرآن العظيم، فأبيّن لكم ما كان مُفترًى من الأحاديث من التي جاءت من عند غير الله ورسوله، فأبطلها بنصوصٍ واضحةٍ وبيّنةٍ من القرآن العظيم، فإن جادلني عُلماء المُسلمين فألجموني من القُرآن العظيم فقد أنقذوا المُسلمين حتى لا أضلّهم عن الصراط المُستقيم إن كنت من الضالين المُضلين، وإن ألجمت عُلماء المُسلمين بنصوص القرآن العظيم إلجاماً على مُختلف مذاهبهم وفرقهم فلم يجدوا في أنفسهم حرجٌ مما قضيت بينهم بالحقّ من القرآن العظيم ويسلموا تسليماً إلا من أبى واستكبر وكفر بالقرآن العظيم حديث ربّ العالمين فسوف يحكم بيني وبينه الله من أنزل الكتاب بالحقّ رحمة للعالمين وحفظه من التحريف إلى يوم الدين ليجعله حُجّته على النّاس كافةً وحجّة من يُحاج به الأمّة وسُلطان مبين حبل الله المتين الذي أمركم يا معشر المُسلمين الاعتصام بحبله القرآن العظيم وأن لا تُفرقوا دينكم شيعاً وكُل حزبٍ بما لديهم فرحون.
وأنا اليماني المنتظر والذي هو نفسه المهدي المنتظر أدعوكم يا معشر المُسلمين إلى الرجوع إلى كتاب الله وسُنّة رسوله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والتي لا تُخالف لما أنزل الله في القرآن العظيم، وما خالف القرآن من السُّنة فاعلموا أنه من عند غير الله ورسوله، فذروا ما خالف القرآن وراء ظهوركم واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا فتفشلوا فتذهب ريحكم، ولكنكم خالفتم أمر ربّكم ولم تعتصموا بحبل الله كما أمركم ومن ثم تفرقتم ومن ثم ذهبت ريحكم فأصبحتم أذلةً كما وعدكم الله بذلك إن لم تعتصموا بحبل الله القرآن العظيم حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض من استمسك به نجا ومن زاغ عنه هوى وغوى وكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح إلى مكانٍ سحيق.
وأنا المهدي المنتظر المُعتصم بحبل الله القُرآن العظيم من اعتصم معي بالقرآن كما أبينه لكم بالحقّ من نفس القرآن فقد اهتدى إلى الصراط المُستقيم صراط الله العزيز الحميد، تصديقاً لقول الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن ربّكم وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مبينا ﴿174﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿175﴾ } صدق الله العظيم [النّساء]
والقرآن العظيم هو النّور الذي نزل على رسوله محمد - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كما ترون في هذه الآية بأنه حبل الله، وكما وعد الله الذين يعتصمون به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مُستقيماً كما وعدكم الله، ولكنكم اعتصمتم بما خالف القرآن العظيم في سُنّة محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من مكر طائفة من اليهود من شياطين البشر من الأحاديث المدسوسة في سُنّة محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وما كانت من عند الله ورسوله، لذلك تجدون بينها وبين القرآن اختلافاً كثيراً نظراً لأنها من عند الطاغوت وأوليائه من شياطين البشر من اليهود الذين إذا لقوا الذين آمنوا قلباً وقالباً من صحابة رسول الله الحقّ قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم من الجنّ قالوا إنا معكم إنما نحن مُستهزئون بل الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون، وقد أخرجوا المُسلمين عن الصراط المُستقيم ولم يبقَ من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه بين أيديكم يا معشر عُلماء الأمّة برغم أن أكثركم يحفظ القرآن وبارعٌ في الغنّة والقلقلة وذلك مبلغكم من العلم، ولكنكم تحفظون ما لا تفهمون من الآيات الواضحات البيّنات، فأصبحتم كمثل الحمار يحمل الأسفار في وعاء على ظهره ولكنهُ يحمل ما لا يفهم، فأصبحتم كمثل الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وقد نهاكم الله أن تكونوا مثلهم.
ويا معشر المُسلمين ذكرهم والأنثى و كُل من قد بلغ رشده، إني أُشهدكم على جميع عُلماء المسلمين سُنّة وشيعة وعلى مختلف مذاهبهم وفرقهم إني أدعوهم إلى الحوار قبل الظهور عبر طاولة الحوار العالميّة الإنترنت أينما كانوا على وجه الكرة الأرضيّة على مختلف مذاهبهم أجمعين، فأدعوهم إلى موقع البشرى الإسلامية موقع الإمام ناصر محمد اليماني، فإن لم أغلبهم من القرآن العظيم فألجمهم إلجاماً وأُخرس ألسنتهم بالعلم والمنطق الحقّ من حديث الله في القرآن العظيم فإن لم أستطع وألجمني عُلماء الأمّة إلجاماً وأخرسوا لساني بمنطق السلطان والبرهان من القرآن العظيم فقد تبيّن للمسلمين إنّي على ضلالٍ مبينٍ، وأن عليّ لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، وتبيّن أني من المهديين المُفترين الضالين المُضلين من الذين وسوست لهم الشياطين بغير الحقّ، وما كان وحياً بالتفهيم من ربّ العالمين بل وسوسة شيطانٍ رجيمٍ ليقولوا على الله ما لا يعلمون، وإن رأيتموني يا معشر المُسلمين ألجم علماءكم إلجاماً وأخرس ألسنتهم بمنطق القرآن العظيم ومن ثم لا تؤمنون لا أنتم ولا هم بعد أن دحضت حُججهم بحجّة الله ورسوله وحجّتي القرآن العظيم ثم لا تؤمنون فسوف تنالون غضب الله كما نالته اليهود والنّصارى من الذين يعلمون بأن هذا القرآن من عند الله ثم لا يؤمنون به فينبذوه وراء ظهورهم، ثم يُعذبكم معهم عذاباً عظيماً ولن تجدوا لكم من دون الله ولياً ولا نصيراً، ومن نبذ حديث الله القرآن العظيم وراء ظهره ثم استمسك بأحاديث الطاغوت المخالفة لحديث الله فمثله كمثل الذي يستمسك بخيط من بيت العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.
ويا معشر عُلماء المُسلمين إن المسلمين في ذمتكم إن صدقتم صدقوا وإن كذبتم كذبوا، وخير عُلماء الأمّة وصفوتها وخير البرية هم المُصدقون بأمري ولا تأخذهم العزة بالإثم فلا يجدون في أنفسهم شك مما قضيت بينهم فيما اختلفوا فيه مستنبطاً حكمي بمنطق العلم والسلطان من القرآن العظيم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت ويسلموا تسليماً، ويعترفون بشأن الخلافة والإمامة والقيادة العالميّة أولئك هم صفوة هذه البشريّة من المُسلمين ومن عباد الله المُقربين، وأما الذين سوف يكذبون بشأني من علماء الأمّة بعد أن دحضت حُججهم بمنطق القرآن العظيم أولئك هم أشرّ العلماء تحت سقف السماء ذلك لأنهم لا يؤمنون بهذا القرآن العظيم سلطان الواحد القهّار والسيف البتار لكُل البدع والمُحدثات لقومٍ يؤمنون فجعله الله سيفه المسلول بيد عبده فأبتر به البدع الموضوعة في سُنّة محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأجعلها كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.
ويا معشر جميع عُلماء الأمّة الإسلامية وأتباعهم، وتالله لا أريدكم أن تكونوا ساذجين فتقولون صدقنا من قبل أن تروني المُهيمن على علماء الأمّة بالعلم والسلطان الواضح والبيّن من القرآن بل أريدكم أن تقولوا أنتم وعلماؤكم سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين فإن ألجمت جميع علماء الأمّة بالحقّ فيما تقول بسلطان القرآن فأنت حقاً المهدي المنتظر إمام الأمّة، وحقاً قد جعل الله في اسمك خبرك وعنوان أمرك فواطأ اسم محمد في اسمك في اسم أبيك، واسمك ناصر محمد فاسمك ناصر محمد فقد علمنا بأن الاسم يحمل الخبر وأنه اسم المهدي المنتظر جعل الله في اسمه صفته، فلم يجعله نبياً ولا رسولاً بل الإمام النّاصر لمحمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك جاء اسمي (ناصر محمد)، ولم يجعل الله حجّتي عليكم في الاسم إذا لم يُصدقه العلم والمنطق بالسلطان والبرهان من القرآن ..
فهلموا يا معشر عُلماء أمّة الإسلام للحوار عبر طاولة الإنترنت العالميّة إذ كيف يظهر لكم ناصر اليماني عند الركن اليماني للمُبايعة ما لم تصدقوا بأمري من قبل ظُهوري؟ فمالكم كيف تحكمون؟ وأقسم بالله العظيم ما اخترت الحوار في الإنترنت العالميّة عن أمري فما خطبكم تحرمونها علينا وهي نعمة من الله كُبرى، أم تظنون يا معشر شباب الأمّة بأن الله لم يحيطكم بعلم الإنترنت إلا لإتباع الشهوات ومغازلة البنات فتحرمونها علينا لكي تُستخدم فقط لصالح سبيل الطاغوت والفتنة؟ وتالله لولا المهدي المنتظر لما أحاطكم الله بعلمها شيئاً، وتلك نعمة من الله كُبرى أن تكتب خطابك فتلقيه في الإنترنت فيطلع عليه الباحثون عن الحقّيقة في العالمين في أي وقت، وحين يقرأ الخطاب ليلاً ونهاراً فيتابعه النّاس المثقفون والمُتعلمون وهم في بيوتهم لينظروا من الغالب بالحقّ.
فتعالوا يا معشر عُلماء الأمّة والمُسلمين التابعين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فيا أهل هذه العقيدة والركن الأول من أركان الإسلام تعالوا ننتقل إلى الركُن الثاني من أركان الإسلام ألا وهو إقامة الصلاة، ولم يجعلني الله من القرآنيين من الذين جعلوا الصلوات المفروضات ثلاث صلوات بل خمس صلوات في اليوم والليلة، فليتقوا الله ربّ العالمين ولا يقولوا على الله بتأويل القرآن ما لا يعلمون، فاتقوا الله يا معشر القرآنيين، وما دُمتم مُستمسكين بالقرآن فلسوف ألجمكم من القرآن إلجاماً فأقدم البرهان على إثبات سُنّة محمد رسول الله الحقّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والتي تُطابق لما أنزل الله في القرآن العظيم، فأثبت لكم أن الصلوات المفروضات هنّ خمس وليست ثلاث، فإن ألجمتكم يا معشر القرآنيين بأن الصلوات المفروضات خمسة وليس ثلاثة كما تقولون فقد علمتم بأن الله زادني عليكم بسطة في العلم وجعلني للمتقين إماماً.
وإليكم الحكم بأنّ الصلوات خمسٌ وليست ثلاثاً يا معشر القرآنيين..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين، ثمّ أمّا بعد..
يا معشر القرآنيين اتقوا الله حقّ تقاته ولا تقولوا على الله مثل غيركم ما لا تعلمون في تأويل القُرآن العظيم، واتبعوني أهدكم صراطاً مُستقيماً بالتأويل الحقّ للقرآن العظيم، وأنا به زعيم وهادي به إلى الصراط المُستقيم، والسجود لله العزيز الحميد. ولن أجادلكم من السُّنة في تقديم البرهان بأن الصلوات خمس بل سوف ألجمكم بالحقّ إلجاماً من القُرآن العظيم فلا تستطيعون أن تلجموني من القرآن شيئاً ما دمتم به مُستمسكين، بل أنا من سوف ألجمكم وعلماء الأمّة أجمعين على مختلف مذاهبهم وفرقهم أتحداكم أجمعين، وليس تحدي الغرور بل الحقّ من ربّكم المهدي المنتظر خليفة الله على البشر زادني الله عليكم بسطةً في العلم فجعلني المُهيمن عليكم أجمعين بالقرآن العظيم فألجمكم بالحقّ إلجاماً حتى لا يكون أمامكم إلا التصديق بشأني أو تكفرون بهذا القرآن العظيم فلا خيار لكم. وانتهت مقدمة الخطاب وأقول:
يا معشر القرآنيين، هلمّوا لننظر هل الصلوات خمس في القرآن العظيم أم ثلاث؟ فلا تُجادلوني بأرقام ما أنزل الله بها من سلطان بل بآيات من حديث الله من القرآن العربي المبين لقوم يؤمنون، ومدّنا (حلمي 333) الباحث عن الحقّيقة بآية أشدّ تفصيلاً تُبين بأن ما قلته لكم أنه الحقّ بأن الصلوات خمس وليس ثلاث ولسوف تجدها يا حلمي العليم ويكاد أن يهتدي إلى الصراط المستقيم في هذا الخطاب المتطور، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وعلى جميع الأنبياء والمرسلين الذين من قبله وعلى جميع المسلمين التابعين ومن ابتغى غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة لمن الخاسرين، ولا نُفرق بين أحدٍ من رُسله ونحنُ له مُسلمون، ثمّ أمّا بعد..
إليكم الجواب على السؤال الأول وأهم الأسئلة أجمعين حول مواقيت الصلوات الخمس عمود الدين:
عليك أن تعلم أيها السائل بأن أمر الصلاة تلقّاه محمدٌ رسول الله مُباشرةً بالتكليم من وراء الحجاب ليلة الإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى سدرة المُنتهى ليريه الله من آياته الكُبرى بعين اليقين بالعلم لا بالحُلم، وكذلك مرّ بأصحاب النّار الذين يدخلونها بغير حساب قبل يوم الحساب من شياطين الجنّ والإنس، وكذلك الذين تأخذهم العزة بالإثم بعد ما استيقنت الحقّ أنفسهم فأعرضوا عنه وهم يعلمون أنه الحقّ من ربّهم، أولئك يدخلون النّار بغير حساب قبل يوم الحساب، ويوم الحساب يُدخلون أشدّ العذاب.
وقد مرّ محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بأصحاب النّار في طريقه ليلة الإسراء بجسده وروحه فشاهد أصحاب النّار بعين اليقين علماً وليس حُلماً بل أسري به بقدرة الله الواحد القهّار. تصديقاً لقول الله تعالى في كتابه القُرآن العظيم:
{ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } صدق الله العظيم [المؤمنون:95]
وكان ذلك برغم المسافة العُظمى بين الثرى وسدرة المُنتهى والتي جعلها الله مُنتهى المعراج للمخلوق وما بعدها الخالق، وتلك الشجرة المُباركة لا شرقيّة ولا غربيّة نظراً لأنها تحيط بعرش الملكوت كُله شرقاً وغرباً، ولو كانت شرقيّة لعلمنا أنها صغيرة الحجم نظراً لتواجدها في مكان بناحية الشرق ولو كانت غربيّة لرأينا الأمر كذلك، وبرغم جهة المشارق وجهة المغارب فلو كانت صغيرة لكانت إما شرقيّة وإما غربيّة ولكنا وجدناها في القُرآن بأنها ليست شرقيّة وليست غربيّة، ومن ثم بحثنا عن هذه الشجرة المُباركة وعن سرها وموقعها فوجدناها هي العرش الأعظم والمُحيط بالسموات والأرض بل وتحيط بالجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض.
وقد يود سائل أن يقول: "إذا كانت الجنّة عرضها السموات والأرض فكم الطول؟" . ومن ثم نقول: ليس للكرة طول بل عرض، والكون كرة وتحيط به أربعة عشر كرة، وهُنّ السموات السبع والجنّة التي عرضها السموات والأرض، وكُل سماء أوسع حجماً من التي قبلها، بمعنى أن السماء الدُنيا هي أصغر السموات السبع وهي الطبق الأول، فتأتي من بعدها طبق السماء الثانية وهي الدور الثاني فتكون أكبر حجماً من الأولى، وكُل بناء سماء يحيط بالرقم الأدنى منه إلى أكبر السموات وهي الرقم سبعة أوسعهن حجماً وتحيط السماء السابعة بالسموات الست جميعاً وهي أوسعهن حجماً. وذلك معنى قوله تعالى:
{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } صدق الله العظيم [الذاريات:47]
بمعنى أن كُل سماء تحيط بالأدنى منها فالسماء الأولى تحيط بها السماء الثانية لأنها أوسع منها حجماً، وكلما ارتفعت في السموات تجد بناءهن أوسع فأوسع إلى السماء السابعة، ومن ثم يأتي من بعد ذلك كُرة الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض إلى الأرض الأم مركز الانفجار الكوني، ومن ثم يأتي من بعد ذلك الشجرة المُباركة والتي تحيط بما خلق الله أجمعين ومنتهى ما خلقه الله ومنتهى حدود الملكوت الشامل فتحيط بما قد خلق وهي تُحيط بالخلائق وأعلى منها الخالق يغشى السدرة ما يغشى من نور وجهه تعالى، بل هي علم كبير يُعرف بها موقع الجنّة التي هي أقرب شيء إليها، وبما أننا نعلم بأن الجنّة عرضها كعرض السماء والأرض ولكنا نجد بأن سدرة المُنتهى أعظمُ حجماً من الجنّة التي تُحيط بالسموات والأرض، وقد وصف الله لكم حجمها في القُرآن العظيم لمن يتدبر ويتفكر وقال الله تعالى: { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ } صدق الله العظيم [النّجم]
فإن سألني أحدكم عن بيت فلان فقلت لهُ الجبل الفلاني عند بيت فلان الذي تسأل عنه لقاطعني قائلاً: "كيف تجعل الجبل وهو الأكبر علامة للبيت وهو الأصغر؟ بل قُل بيت فلان عند الجبل الفلاني" . فأقول له: صدقت وصدق الله العظيم { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ }، وذلك لأن السدرة أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض، أم تظنونها شجرة صغيرة؟ فكيف تكون الجنّة عندها وأنتم تعلمون بأن الجنّة عرضها السموات والأرض.. أفلا تتفكرون؟ بل هي من آيات ربه الكُبرى التي رآها محمد رسول الله في مُنتهى موقع المعراج، فتلقى الكلمات من ربه من ورائها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } صدق الله العظيم [الشورى:51]
وهل تظنون الله كلم موسى تكليماً في البقعة المُباركة جهرةً؟ بل من الشجرة المباركة وقربه الله نجياً وموسى عليه الصلاة والسلام في الأرض. وقال الله تعالى:
{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿30﴾ } صدق الله العظيم [القصص]
ولربّما يستغل الضالين هذه الآية فيؤولونها بالباطل، فأما قوله تعالى في شطر الآية الأول فيتكلم عن موقع موسى بأن موقعه في البقعة المُباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وأما موقع الصوت فهو من الشجرة، لذلك قال الله تعالى بأنه كلم موسى من الشجرة، وقال سبحانه:
{ نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين }
وأما النّار فالحكمة منها إحضار موسى إلى البقعة المُباركة، وهي في الحقّيقة نور وليست نار، وإنما حسب ظن موسى بأنها نار، ولكنهُ حين جاءها فلم يجدها ناراً بل نور آتٍ من سدرة المُنتهى، ولكنه لم يرى موسى بأن هذا الضوء آتٍ من السماء بل كان يراه جاثماً على الأرض فأدهش ذلك موسى عليه الصلاة والسلام، ومن ثم وضع رجله على ذلك الضوء الجاثم على الأرض فلم يشعر له بحرارة مُستغرباً من هذا الضوء الجاثم على الأرض، فإذا بالصوت يُرحب به من الشجرة سدرة المُنتهى:
{ نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ ربّ العالمين } صدق الله العظيم [النّمل:8]
فأما الذي بورك فهو موسى بعد دخوله دائرة النّور الذي ظنها ناراً، ومن ثم رأى بأن النّور في الحقّيقة مُنبعث من السماء فرفع رأسه ناظراً لنور ربه المُنبعث من سدرة المُنتهى، ومن ثم عرّف الله لموسى بأن هذا النّور مُنبعث من نور وجهه سُبحانه لذلك قال الله تعالى:
{ يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿9﴾ } صدق الله العظيم [النّمل]
وذلك لأن الله نور السموات والأرض ومن لم يجعل الله لهُ نوراً فما لهُ من نور، ولا يزال لدينا الكثير من البُرهان لتأويل الحقّ لهذه الآية والذي يريد أن يستغلها المسيح الدجال فترون ناراً سحرية لا أساس لها من الصحة، ثم ترونه إنساناً في وسطها فيكلمكم، وخسئ عدو الله ولأنه يقول بأنه أنزل هذا القُرآن سوف يعمُد إلى هذه الآية وقد روّج لها أولياؤه تأويله بالباطل للتمهيد له، ولكنا نعلم بأن الله ليس كمثله شيء فلا يشبه الإنسان وليس كمثله شيء من خلقه في السموات ولا في الأرض، وهيهات هيهات لما يمكرون.. وليس الله هو النّور بل النّور ينبعث من وجهه تعالى علواً كبيراً. وقال سُبحانه وتعالى:
{ اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شرقيّة وَلَا غربيّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿35﴾ } صدق الله العظيم [النّور]
فلا تفكروا في ذاته، فكيف تتفكرون في شيء ليس كمثله شيء؟ وتعرَّفوا على عظمة الله من خلال آياته بين أيديكم ومن فوقكم ومن تحتكم، وتفكروا في خلق السموات والأرض ومن ثم لا تجدون في أنفسكم إلا التعظيم للخالق العظيم وأعينكم تسيل من الدمع مما عرفتم من عظمة الحقّ سُبحانه، ومن ثم تقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا سُبحانك فقنا عذاب النّار..
وأجبرني على بيان ذلك بُرهان حقيقة المعراج لمحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من الثرى إلى سدرة المنتهى بالجسد والروح لكي يرى من آيات ربه الكُبرى بعين اليقين ثم يتلقى الوحي مُباشرة من ربّ العالمين في فرض الصلوات الخمس التي جعلهن الله الصلة بين العبد والمعبود من أقامهن أقام الدين ومن هدمهن هدم الدين، فانظروا لجواب أهل النّار على المؤمنين السائلين عن سبب دخولهم النّار:
{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
وقد يقول أحد المُسلمين من الذين لا يُصلون: "إنّما تخصّ هذه الآية الكفار"، ومن ثم نقول لهُ: إذا لم تُصلي فأنت منهم والعهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فإذا لم يسجد جبينك لربك فأنت متكبرٌ بغير الحقّ وعصيت أمر ربّك وأطعت أمر الشيطان في عدم السجود لله ربّ العالمين يوم يُدعون وأولياؤهم إلى السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يُدعون للسجود لله في الدنيا وهم سالمون.
وأما مواقيت الصلوات الخمس فقد جاء ذلك في القُرآن العظيم بأن ثلاث من الصلوات الخمس جعل الله ميقاتهن في زُلفة من الليل في أوله وآخره، ومعنى الزُلفة أي ميقات قريب من أول النّهار وآخره، وأما اثنتين فجعلهن الله في النّهار فيكونا في طرفي نهار العشي، ونهار العشي من الظُهر وينتهي بغروب الشمس ، وقال الله تعالى:
{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿31﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿32﴾ } صدق الله العظيم [ص]
فمن خلال هذه الآية نفهم بأن نهار العشي طرفه الأول حين تكون الشمس بمنتصف السماء، وطرفه الآخر عند الغروب فينتهي وقت صلاة العصر بتواري الشمس بالحجاب، فيدخل ميقات صلاة المغرب فيستمر إلى غسق الليل، فيدخل ميقات صلاة العشاء، وقال الله تعالى:
{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } صدق الله العظيم [هود:114]
وأما { طَرَفَيِ النّهَارِ } فهو يتكلم عن نهار العشي وطَرفيه هما الظهر في طرف نهار العشي الأول فيكون عند وقت صلاة الظُهر والطرف الآخر في وقت صلاة العصر إلى الغروب وتواري الشمس بالحجاب، وأما { وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } فقد بينا بأن الزُلفة أي الوقت القريب من النّهار سواء في قطع من أول الليل وهو وقت صلاة المغرب والعشاء، أو قطعاً من آخر الليل وهو وقت صلاة الفجر، ويمتد ميقاتها إلى لحظة طلوع الشمس.
ولربّما يودّ ابن عُمر أو غيره أن يقول: "مهلاً إنما يقصد طرفي النّهار أي الفجر والمغرب، فكيف تجعل طرف النّهار وسطه؟" . ومن ثم نقول له: اعلم بأن النّهار يتكون من نهار الغدو وهو من طلوع الشمس إلى المُنتصف والانكسار فيدخل نهار العشي، وأطراف نهار الغدو والعشي تحتويهما بالضبط صلاة الظهر. وقال الله تعالى:
{ فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ﴿130﴾ } صدق الله العظيم [طه]
. فأما قوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة الفجر، وينتهي ميقاتها بطلوع الشمس، وميقاتها من الدلوك إلى الشروق بطلوع الشمس.
. وأما قوله تعالى { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة العصر، وينتهي ميقاتها بتواري الشمس وراء الحجاب.
. وأما قوله تعالى { وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ } وهو أوانه الأول، ويبتدئ من الشفق بعد الغروب إلى الغسق، وذلك ميقات صلاة المغرب والعشاء، وهُن قريبات من بعض فصلاة المغرب منذ أن تتوارى الشمس في الحجاب إلى إقبال الغسق فيدخل ميقات صلاة العشاء، وذلك هو آناء الليل، ويقصد أوانه الأول من الشفق إلى الغسق.
. وأما قوله تعالى { وَأَطْرَافَ النّهَارِ } وهو مُلتقى أطراف نهار الغدو ونهار العشي ومجمعهما في ميقات صلاة الظهر. ولا أظنّ أحداً الآن سوف يقاطعني ليقول: "بل معنى قوله وأطراف النّهار أي طرفه من الفجر وطرفه الآخر هو العصر" . فنقول: ولكنك كررت صلوات وأضعت أُخَر، فتدبر الآية جيداً تجد بأنه ذكر ميقات صلاة الفجر وكذلك ميقات صلاة العصر، فكيف تظن قوله وأطراف النّهار بأنه يقصد صلاة الفجر والعصر وهو قد ذكرهم بقوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }؟ إذاً ليس لك إلا أن توقن بأنه حقاً ميقات صلاة الظهر يكون في مجمع أطراف النّهار، ومجمع أطراف نهار الغدوة ونهار الروحة يحتويهما وقت صلاة الظهر.
ومن ثم نأتيكم بآية من القرآن العظيم تؤكد ما سلف ذكره بأن الصلوات خمسٌ وليست ثلاثٌ. وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ }
صدق الله العظيم [الروم]
وإلى التأويل المُطابق بالحقّ مع الآيات التي ذكرناها من قبل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ }، وإنما الحين هو الوقت المُحدد للتسبيح في الصلوات لذلك يقول {حِينَ}، وأماالتسبيح المطلق فهو في النّوافل والذكر وهي في أي وقت من الأوقات. كمثال قوله تعالى:
{ إِنَّ لَكَ فِي النّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴿7﴾ } صدق الله العظيم [المزمل]
وأما إذا تم التحديد بقوله {حِينَ} فذلك تحديد الوقت، وذلك الوقت قد أصبح معلوم للتسبيح لله في الفرض. تصديقاً لقوله تعالى:
{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ﴿103﴾ } صدق الله العظيم [النّساء]
يكون وقت صلاة مفروضة بلا شك أو ريب نظراً لتحديد وقت التسبيح، ويقصد بذلك التسبيح لله في صلاة مفروضة ألستم إذا ركعتم تُسبّحون وتحمدون وإذا سجدتم تُسبّحون وتحمدون؟ وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم
وإلى التأويل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ } وذلك تحديد الوقت للتسبيح من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وذلك هو حين تمسون، وهو أول الليل، ويقصد بذلك وقت صلاة المغرب من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وهو دخول ميقات صلاة العشاء، فذلك هو معنى القول { حِينَ تُمْسُونَ } وهو زلفاً من أول الليل، وذلك الذكر والتسبيح في صلاة المغرب والعشاء.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُصْبِحُونَ } وذلك الوقت المعلوم للذكر والتسبيح في صلاة الفجر.
وأما قوله تعالى { وَعَشِيًّا } وذلك الوقت المعلوم لصلاة العصر، وجاء مُطابقاً لما سبق ذكره وبيانه وبرهانه في أول الخطاب هذا بأن العشي هو العصر.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُظْهِرُونَ } وذلك هو الوقت المعلوم لصلاة الظهر.
ونأتي الآن لذكر الصلاة الوسطى ويقصد بأنها وسطى من ناحية وقتيّة ولا يقصد وسطى من ناحية عدديّة، وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
وهذا أمر إلهي بالحفاظ على الخمس صلوات وهنّ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن ثم كرر التنويه بالحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لميقاتها الصعب، ومن ثم أمرنا أن نقوم فيها بدعاء القنوت لله ولا ندعو سواه ولا ندعو مع الله أحداً، وكذلك هذه الصلاة مشهودة من قبل المعقبات والدوريات الملائكية وتلك هي صلاة الفجر وصلاة الفجر هي الصلاة الوسطى ودخول ميقاتها هو الوحيد المعلوم في القُرآن بمنتهى الدقة للجاهل والعالم، وذلك في قوله تعالى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } صدق الله العظيم [البقرة:187]
فميقاتها بالوسط بين الليل والنّهار وتلك لحظة الإمساك والأذان للفجر والإمساك معاً، ومن ثم يتمون الصيام إلى الليل وهو ميقات صلاة المغرب، ومن ثم يأتي ذكر الصلوات الخمس مع التنويه والتوضيح أيهم الصلاة الوسطى، وذلك في قوله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
وهذه الآية تحتوي على الصلوات الخمس مع تكرار التنويه للحفاظ على الصلاة الوسطى مع التوضيح أيهم من الصلوات. وقال الله تعالى: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، فقد بيّن لنا أيهم بإشارة دعاء القنوت فيها وتلك هي الصلاة الوسطى، ومن ثم تأتي آية أخرى للتوضيح أكثر للصلاة الوسطى بعد أن ذكر الوقت الشامل للصلوات الخمس في قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم، فهذه الآية ذكرت جميع الصلوات الخمس بدءاً من دلوك الشمس بالأرض من ناحية المشرق فتبيّن لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر، فهل كان ذلك إلا بسبب دلوك الشمس من المشرق؟ وذلك ميقات صلاة الفجر أول ما يقوم النّائم المصلي لأدائها، فيستمر في أداء الصلوات الخمس من أوّلهن عند دلوك الشمس، فيبين لنا دلوك الشمس ظهور الخيط الأبيض بالمشرق إلى غسق الليل وهي آخر الصلوات وتلك هي صلاة العشاء، ومن ثم يأتي التنويه للقيام والحفاظ على الصلاة الوسطى. وذلك قوله تعالى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم.
إذاً صلاة الفجر هي الصلاة الوسطى، تصديقاً لقول الله تعالى: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ﴿1﴾ وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ﴿2﴾ } صدق الله العظيم [الليل]
وذلك الليل يغشى النّهار من جهة الفجر فيكوّر الليل على النّهار من ميقات صلاة الفجر يولج الليل في النّهار يطلبه حثيثاً. إذاً أقسم الله بوقت واحدٍ وهو ميقات صلاة الفجر. وكذلك قول الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم [التكوير]
وكذلك أقسم بوقت صلاة الفجر فمعنى قوله عسعس أي أدبر وانجلى وتنفس الصُبح. ولربّما يريد أحدكم أن يُجادلني فيقول: "بل أقسم بوقتين وهما المغرب بقوله عسعس والفجر بقوله تنفس". ومن ثمّ أردّ عليه فأقول: ولكني لا أفسر القرآن بالظنّ مثلك بل أقول إنهُ أقسم في هذه الآية بوقتٍ واحدٍ وهو وقت صلاة الفجر، وتعال لأعلمك بالبرهان الأوضح لهذه الآية وقال الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴿33﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴿34﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
فهل ترى البيان واضحاً وجليّاً بأنهُ وقتٌ واحدٌ وليس وقتين؟ والليل إذا أدبر أي ولى والصٌبح إذا أسفر أي ظهر، وجاء هذا القسم ليُبين قسماً آخر وهو { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم.
وقد علمناكم بأن معنى عسعس أي أدبر، والصبح إذا تنفس أي ظهر، وتلك هي الصلاة الوسطى لو كُنتم تعلمون؟ وهي صلاة الفجر، ولكنكم حسبتموها من ناحية عدديّة بأنّها العصر والقرآن حسبها من ناحية وقتيّة بأنها الفجر، وذلك لأن ميقاته يكون في الخيط الأبيض، والخيط الأبيض هو خط وسط بين الليل والنّهار، وذلك لأن ظهوره عند تنفس النّهار وإدبار الليل فهو في الوسط لذلك يسميه القُرآن الصلاة الوسطى، ولو كنتم تخشون أن تقولوا على الله ما لا تعلمون لرجعتم إلى القرآن ولن يترك الله لكم الحجّة فسوف تجدون القرآن يوضحها لكم في موقع آخر في نفس الموضوع، فقد ذكر الصلاة الوسطى في آيةٍ مُبهمةٍ فيها الصلاة الوسطى، ولكنهُ جعل لها إشارة بأنها تلك الصلاة التي علمكم رسول الله أن تقنتوا فيها نظراً لأنها في أول النّهار وقبل بدء النّشور في الأعمال، وأن عليكم أن تقوموا فيها لله قانتين بالدعاء بعد الركوع الأخير وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
ومن ثم بيّنها الله لكم في آية أخرى وأنها التي يُجهر فيها بالقرآن. وقال الله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
فتلقيتم نفس الأمر في قوله تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، بمعنى أن تحافظوا على الصلوات الخمس ثم نوَّه على الحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لأنها في ميقات صعب طرف السُبات الأخير عند بزوغ الفجر يؤذن المؤذن وعندها تمسكون عن الطُعام وعن الشراب في شهر رمضان، ولكن للأسف جعلوا الدلوك هو الاختفاء وكأن صلاة المغرب هي الأولى، بل الدلوك هو اقتراب النّهار، ويتبين لك ظهوره بخيطه الأبيض إلى جانب الأرض من الشرق. فهل أنتم مؤمنون ومتبعون الهادي إلى الصراط المُستقيم؟
ونأتي الآن لنفي عذاب القبر في حُفرة السوءة، فهلمّوا يا معشر علماء السُّنة أشد النّاس عقيدةً بأنّ العذاب من بعد الموت يكون في القبر، وبهذه العقيدة أنكروا حقيقة الإسراء والمعراج، وذلك لأنّ محمد رسول الله وجد الكفار المجرمين في نار جهنم يتعذبون جميعاً وليسوا أشتاتاً في قبورهم، وكذلك جعلتم للكفار عليكم سلطاناً بهذه العقيدة التي ما أنزل الله بها من سلطان بأن العذاب من بعد الموت في القبر حُفرة السوءة، فهلمّوا لننظر الفتوى الحقّ من القرآن العظيم ..
06 - 10 - 1428 هـ
18 - 10 - 2007 مـ
11:28 مساءً
__________
موسوعة خطاب المهديّ المنتظَر إلى جميع المُسلمين والنّاس أجمعين..
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى سمو الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وجميع إخوانه وأفراد الأسرة الحاكمة أولياء بيت الله الحرام، وإلى جميع قادات العرب والعجم، وكذلك إلى سماحة الشيخ مفتي عام المملكة العربيّة السعوديّة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلميّة والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وكذلك فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، وكذلك إلى جميع أصحاب الفضيلة بهيئة كبار العُلماء بالمملكة العربيّة السعوديّة، وكذلك إلى جميع أصحاب الفضيلة من عُلماء الأمّة الإسلامية، وكذلك إلى جميع علماء الديانات السماويّة، وكذلك إلى جميع عُلماء الفلك بالآفاق في العالم أجمعين، وكذلك إلى جميع الشعوب البشريّة، وسلامٌ على المُرسلين ومن تبعهم بإحسان لا أشرك بالله شيئاً ولا أفرق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المُسلمين، ثمّ أمّا بعد..
يا أيّها النّاس لقد أدركت الشمس القمر في أول الشهر آية للمهدي المنتظر من البيت المطّهر، قد جعلني الله للناس إماماً لأهديهم صراطاً مُستقيماً وأنذرهم من عذابٍ أليمٍ، وزاده الله بسطة في العلم على جميع عُلماء الأمّة ليكون ذلك برهان الإمامة والزعامة لقومٍ يؤمنون، حقيقٌ لا أقول على الله غير الحقّ ومن أظلم ممن افترى على الله ورسوله كذباً فليتبوأ مقعده من النّار ولن يجد لهُ من دون الله ولياً ولا نصيراً، وأُقسم لكم بالله العليّ العظيم البرّ الرحيم ربّ العالمين الذي خلق الإنسان من طين وجعل نسله في قرار مكين الذي رفع السبع الشداد وثبّت الأرض بالأوتاد وأهلك ثمودَ وعاداً وأغرق الفراعنة الشداد الغفور الودود ذو العرش المجيد فعَّال لما يُريد الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور الذي يبعث من في القبور وإليه النّشور إني أنا المهدي المنتظر خليفة الله على البشر من أهل البيت المُطهر، ولم يجعل الله حجّتي عليكم القسم ولا الاسم بل العلم، فزادني على علماء الأمّة بسطة في العلم فأيدني بالبيان الحقّ للقرآن من نفس القُرآن، فلا يُجادلني أحد من علماء الأمّة إلا غلبته بالعلم والسلطان من القُرآن العظيم، فألجمهم بالقرآن العظيم إلجاماً، وكذلك بسُنَّة رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - التي لا تُخالف حديث الله في القرآن العظيم، فأبيّن لكم ما كان مُفترًى من الأحاديث من التي جاءت من عند غير الله ورسوله، فأبطلها بنصوصٍ واضحةٍ وبيّنةٍ من القرآن العظيم، فإن جادلني عُلماء المُسلمين فألجموني من القُرآن العظيم فقد أنقذوا المُسلمين حتى لا أضلّهم عن الصراط المُستقيم إن كنت من الضالين المُضلين، وإن ألجمت عُلماء المُسلمين بنصوص القرآن العظيم إلجاماً على مُختلف مذاهبهم وفرقهم فلم يجدوا في أنفسهم حرجٌ مما قضيت بينهم بالحقّ من القرآن العظيم ويسلموا تسليماً إلا من أبى واستكبر وكفر بالقرآن العظيم حديث ربّ العالمين فسوف يحكم بيني وبينه الله من أنزل الكتاب بالحقّ رحمة للعالمين وحفظه من التحريف إلى يوم الدين ليجعله حُجّته على النّاس كافةً وحجّة من يُحاج به الأمّة وسُلطان مبين حبل الله المتين الذي أمركم يا معشر المُسلمين الاعتصام بحبله القرآن العظيم وأن لا تُفرقوا دينكم شيعاً وكُل حزبٍ بما لديهم فرحون.
وأنا اليماني المنتظر والذي هو نفسه المهدي المنتظر أدعوكم يا معشر المُسلمين إلى الرجوع إلى كتاب الله وسُنّة رسوله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والتي لا تُخالف لما أنزل الله في القرآن العظيم، وما خالف القرآن من السُّنة فاعلموا أنه من عند غير الله ورسوله، فذروا ما خالف القرآن وراء ظهوركم واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا فتفشلوا فتذهب ريحكم، ولكنكم خالفتم أمر ربّكم ولم تعتصموا بحبل الله كما أمركم ومن ثم تفرقتم ومن ثم ذهبت ريحكم فأصبحتم أذلةً كما وعدكم الله بذلك إن لم تعتصموا بحبل الله القرآن العظيم حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض من استمسك به نجا ومن زاغ عنه هوى وغوى وكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح إلى مكانٍ سحيق.
وأنا المهدي المنتظر المُعتصم بحبل الله القُرآن العظيم من اعتصم معي بالقرآن كما أبينه لكم بالحقّ من نفس القرآن فقد اهتدى إلى الصراط المُستقيم صراط الله العزيز الحميد، تصديقاً لقول الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن ربّكم وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مبينا ﴿174﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿175﴾ } صدق الله العظيم [النّساء]
والقرآن العظيم هو النّور الذي نزل على رسوله محمد - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كما ترون في هذه الآية بأنه حبل الله، وكما وعد الله الذين يعتصمون به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مُستقيماً كما وعدكم الله، ولكنكم اعتصمتم بما خالف القرآن العظيم في سُنّة محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من مكر طائفة من اليهود من شياطين البشر من الأحاديث المدسوسة في سُنّة محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وما كانت من عند الله ورسوله، لذلك تجدون بينها وبين القرآن اختلافاً كثيراً نظراً لأنها من عند الطاغوت وأوليائه من شياطين البشر من اليهود الذين إذا لقوا الذين آمنوا قلباً وقالباً من صحابة رسول الله الحقّ قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم من الجنّ قالوا إنا معكم إنما نحن مُستهزئون بل الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون، وقد أخرجوا المُسلمين عن الصراط المُستقيم ولم يبقَ من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه بين أيديكم يا معشر عُلماء الأمّة برغم أن أكثركم يحفظ القرآن وبارعٌ في الغنّة والقلقلة وذلك مبلغكم من العلم، ولكنكم تحفظون ما لا تفهمون من الآيات الواضحات البيّنات، فأصبحتم كمثل الحمار يحمل الأسفار في وعاء على ظهره ولكنهُ يحمل ما لا يفهم، فأصبحتم كمثل الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وقد نهاكم الله أن تكونوا مثلهم.
ويا معشر المُسلمين ذكرهم والأنثى و كُل من قد بلغ رشده، إني أُشهدكم على جميع عُلماء المسلمين سُنّة وشيعة وعلى مختلف مذاهبهم وفرقهم إني أدعوهم إلى الحوار قبل الظهور عبر طاولة الحوار العالميّة الإنترنت أينما كانوا على وجه الكرة الأرضيّة على مختلف مذاهبهم أجمعين، فأدعوهم إلى موقع البشرى الإسلامية موقع الإمام ناصر محمد اليماني، فإن لم أغلبهم من القرآن العظيم فألجمهم إلجاماً وأُخرس ألسنتهم بالعلم والمنطق الحقّ من حديث الله في القرآن العظيم فإن لم أستطع وألجمني عُلماء الأمّة إلجاماً وأخرسوا لساني بمنطق السلطان والبرهان من القرآن العظيم فقد تبيّن للمسلمين إنّي على ضلالٍ مبينٍ، وأن عليّ لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، وتبيّن أني من المهديين المُفترين الضالين المُضلين من الذين وسوست لهم الشياطين بغير الحقّ، وما كان وحياً بالتفهيم من ربّ العالمين بل وسوسة شيطانٍ رجيمٍ ليقولوا على الله ما لا يعلمون، وإن رأيتموني يا معشر المُسلمين ألجم علماءكم إلجاماً وأخرس ألسنتهم بمنطق القرآن العظيم ومن ثم لا تؤمنون لا أنتم ولا هم بعد أن دحضت حُججهم بحجّة الله ورسوله وحجّتي القرآن العظيم ثم لا تؤمنون فسوف تنالون غضب الله كما نالته اليهود والنّصارى من الذين يعلمون بأن هذا القرآن من عند الله ثم لا يؤمنون به فينبذوه وراء ظهورهم، ثم يُعذبكم معهم عذاباً عظيماً ولن تجدوا لكم من دون الله ولياً ولا نصيراً، ومن نبذ حديث الله القرآن العظيم وراء ظهره ثم استمسك بأحاديث الطاغوت المخالفة لحديث الله فمثله كمثل الذي يستمسك بخيط من بيت العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.
ويا معشر عُلماء المُسلمين إن المسلمين في ذمتكم إن صدقتم صدقوا وإن كذبتم كذبوا، وخير عُلماء الأمّة وصفوتها وخير البرية هم المُصدقون بأمري ولا تأخذهم العزة بالإثم فلا يجدون في أنفسهم شك مما قضيت بينهم فيما اختلفوا فيه مستنبطاً حكمي بمنطق العلم والسلطان من القرآن العظيم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت ويسلموا تسليماً، ويعترفون بشأن الخلافة والإمامة والقيادة العالميّة أولئك هم صفوة هذه البشريّة من المُسلمين ومن عباد الله المُقربين، وأما الذين سوف يكذبون بشأني من علماء الأمّة بعد أن دحضت حُججهم بمنطق القرآن العظيم أولئك هم أشرّ العلماء تحت سقف السماء ذلك لأنهم لا يؤمنون بهذا القرآن العظيم سلطان الواحد القهّار والسيف البتار لكُل البدع والمُحدثات لقومٍ يؤمنون فجعله الله سيفه المسلول بيد عبده فأبتر به البدع الموضوعة في سُنّة محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأجعلها كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.
ويا معشر جميع عُلماء الأمّة الإسلامية وأتباعهم، وتالله لا أريدكم أن تكونوا ساذجين فتقولون صدقنا من قبل أن تروني المُهيمن على علماء الأمّة بالعلم والسلطان الواضح والبيّن من القرآن بل أريدكم أن تقولوا أنتم وعلماؤكم سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين فإن ألجمت جميع علماء الأمّة بالحقّ فيما تقول بسلطان القرآن فأنت حقاً المهدي المنتظر إمام الأمّة، وحقاً قد جعل الله في اسمك خبرك وعنوان أمرك فواطأ اسم محمد في اسمك في اسم أبيك، واسمك ناصر محمد فاسمك ناصر محمد فقد علمنا بأن الاسم يحمل الخبر وأنه اسم المهدي المنتظر جعل الله في اسمه صفته، فلم يجعله نبياً ولا رسولاً بل الإمام النّاصر لمحمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك جاء اسمي (ناصر محمد)، ولم يجعل الله حجّتي عليكم في الاسم إذا لم يُصدقه العلم والمنطق بالسلطان والبرهان من القرآن ..
فهلموا يا معشر عُلماء أمّة الإسلام للحوار عبر طاولة الإنترنت العالميّة إذ كيف يظهر لكم ناصر اليماني عند الركن اليماني للمُبايعة ما لم تصدقوا بأمري من قبل ظُهوري؟ فمالكم كيف تحكمون؟ وأقسم بالله العظيم ما اخترت الحوار في الإنترنت العالميّة عن أمري فما خطبكم تحرمونها علينا وهي نعمة من الله كُبرى، أم تظنون يا معشر شباب الأمّة بأن الله لم يحيطكم بعلم الإنترنت إلا لإتباع الشهوات ومغازلة البنات فتحرمونها علينا لكي تُستخدم فقط لصالح سبيل الطاغوت والفتنة؟ وتالله لولا المهدي المنتظر لما أحاطكم الله بعلمها شيئاً، وتلك نعمة من الله كُبرى أن تكتب خطابك فتلقيه في الإنترنت فيطلع عليه الباحثون عن الحقّيقة في العالمين في أي وقت، وحين يقرأ الخطاب ليلاً ونهاراً فيتابعه النّاس المثقفون والمُتعلمون وهم في بيوتهم لينظروا من الغالب بالحقّ.
فتعالوا يا معشر عُلماء الأمّة والمُسلمين التابعين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فيا أهل هذه العقيدة والركن الأول من أركان الإسلام تعالوا ننتقل إلى الركُن الثاني من أركان الإسلام ألا وهو إقامة الصلاة، ولم يجعلني الله من القرآنيين من الذين جعلوا الصلوات المفروضات ثلاث صلوات بل خمس صلوات في اليوم والليلة، فليتقوا الله ربّ العالمين ولا يقولوا على الله بتأويل القرآن ما لا يعلمون، فاتقوا الله يا معشر القرآنيين، وما دُمتم مُستمسكين بالقرآن فلسوف ألجمكم من القرآن إلجاماً فأقدم البرهان على إثبات سُنّة محمد رسول الله الحقّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والتي تُطابق لما أنزل الله في القرآن العظيم، فأثبت لكم أن الصلوات المفروضات هنّ خمس وليست ثلاث، فإن ألجمتكم يا معشر القرآنيين بأن الصلوات المفروضات خمسة وليس ثلاثة كما تقولون فقد علمتم بأن الله زادني عليكم بسطة في العلم وجعلني للمتقين إماماً.
وإليكم الحكم بأنّ الصلوات خمسٌ وليست ثلاثاً يا معشر القرآنيين..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين، ثمّ أمّا بعد..
يا معشر القرآنيين اتقوا الله حقّ تقاته ولا تقولوا على الله مثل غيركم ما لا تعلمون في تأويل القُرآن العظيم، واتبعوني أهدكم صراطاً مُستقيماً بالتأويل الحقّ للقرآن العظيم، وأنا به زعيم وهادي به إلى الصراط المُستقيم، والسجود لله العزيز الحميد. ولن أجادلكم من السُّنة في تقديم البرهان بأن الصلوات خمس بل سوف ألجمكم بالحقّ إلجاماً من القُرآن العظيم فلا تستطيعون أن تلجموني من القرآن شيئاً ما دمتم به مُستمسكين، بل أنا من سوف ألجمكم وعلماء الأمّة أجمعين على مختلف مذاهبهم وفرقهم أتحداكم أجمعين، وليس تحدي الغرور بل الحقّ من ربّكم المهدي المنتظر خليفة الله على البشر زادني الله عليكم بسطةً في العلم فجعلني المُهيمن عليكم أجمعين بالقرآن العظيم فألجمكم بالحقّ إلجاماً حتى لا يكون أمامكم إلا التصديق بشأني أو تكفرون بهذا القرآن العظيم فلا خيار لكم. وانتهت مقدمة الخطاب وأقول:
يا معشر القرآنيين، هلمّوا لننظر هل الصلوات خمس في القرآن العظيم أم ثلاث؟ فلا تُجادلوني بأرقام ما أنزل الله بها من سلطان بل بآيات من حديث الله من القرآن العربي المبين لقوم يؤمنون، ومدّنا (حلمي 333) الباحث عن الحقّيقة بآية أشدّ تفصيلاً تُبين بأن ما قلته لكم أنه الحقّ بأن الصلوات خمس وليس ثلاث ولسوف تجدها يا حلمي العليم ويكاد أن يهتدي إلى الصراط المستقيم في هذا الخطاب المتطور، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وعلى جميع الأنبياء والمرسلين الذين من قبله وعلى جميع المسلمين التابعين ومن ابتغى غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة لمن الخاسرين، ولا نُفرق بين أحدٍ من رُسله ونحنُ له مُسلمون، ثمّ أمّا بعد..
إليكم الجواب على السؤال الأول وأهم الأسئلة أجمعين حول مواقيت الصلوات الخمس عمود الدين:
عليك أن تعلم أيها السائل بأن أمر الصلاة تلقّاه محمدٌ رسول الله مُباشرةً بالتكليم من وراء الحجاب ليلة الإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى سدرة المُنتهى ليريه الله من آياته الكُبرى بعين اليقين بالعلم لا بالحُلم، وكذلك مرّ بأصحاب النّار الذين يدخلونها بغير حساب قبل يوم الحساب من شياطين الجنّ والإنس، وكذلك الذين تأخذهم العزة بالإثم بعد ما استيقنت الحقّ أنفسهم فأعرضوا عنه وهم يعلمون أنه الحقّ من ربّهم، أولئك يدخلون النّار بغير حساب قبل يوم الحساب، ويوم الحساب يُدخلون أشدّ العذاب.
وقد مرّ محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بأصحاب النّار في طريقه ليلة الإسراء بجسده وروحه فشاهد أصحاب النّار بعين اليقين علماً وليس حُلماً بل أسري به بقدرة الله الواحد القهّار. تصديقاً لقول الله تعالى في كتابه القُرآن العظيم:
{ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } صدق الله العظيم [المؤمنون:95]
وكان ذلك برغم المسافة العُظمى بين الثرى وسدرة المُنتهى والتي جعلها الله مُنتهى المعراج للمخلوق وما بعدها الخالق، وتلك الشجرة المُباركة لا شرقيّة ولا غربيّة نظراً لأنها تحيط بعرش الملكوت كُله شرقاً وغرباً، ولو كانت شرقيّة لعلمنا أنها صغيرة الحجم نظراً لتواجدها في مكان بناحية الشرق ولو كانت غربيّة لرأينا الأمر كذلك، وبرغم جهة المشارق وجهة المغارب فلو كانت صغيرة لكانت إما شرقيّة وإما غربيّة ولكنا وجدناها في القُرآن بأنها ليست شرقيّة وليست غربيّة، ومن ثم بحثنا عن هذه الشجرة المُباركة وعن سرها وموقعها فوجدناها هي العرش الأعظم والمُحيط بالسموات والأرض بل وتحيط بالجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض.
وقد يود سائل أن يقول: "إذا كانت الجنّة عرضها السموات والأرض فكم الطول؟" . ومن ثم نقول: ليس للكرة طول بل عرض، والكون كرة وتحيط به أربعة عشر كرة، وهُنّ السموات السبع والجنّة التي عرضها السموات والأرض، وكُل سماء أوسع حجماً من التي قبلها، بمعنى أن السماء الدُنيا هي أصغر السموات السبع وهي الطبق الأول، فتأتي من بعدها طبق السماء الثانية وهي الدور الثاني فتكون أكبر حجماً من الأولى، وكُل بناء سماء يحيط بالرقم الأدنى منه إلى أكبر السموات وهي الرقم سبعة أوسعهن حجماً وتحيط السماء السابعة بالسموات الست جميعاً وهي أوسعهن حجماً. وذلك معنى قوله تعالى:
{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } صدق الله العظيم [الذاريات:47]
بمعنى أن كُل سماء تحيط بالأدنى منها فالسماء الأولى تحيط بها السماء الثانية لأنها أوسع منها حجماً، وكلما ارتفعت في السموات تجد بناءهن أوسع فأوسع إلى السماء السابعة، ومن ثم يأتي من بعد ذلك كُرة الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض إلى الأرض الأم مركز الانفجار الكوني، ومن ثم يأتي من بعد ذلك الشجرة المُباركة والتي تحيط بما خلق الله أجمعين ومنتهى ما خلقه الله ومنتهى حدود الملكوت الشامل فتحيط بما قد خلق وهي تُحيط بالخلائق وأعلى منها الخالق يغشى السدرة ما يغشى من نور وجهه تعالى، بل هي علم كبير يُعرف بها موقع الجنّة التي هي أقرب شيء إليها، وبما أننا نعلم بأن الجنّة عرضها كعرض السماء والأرض ولكنا نجد بأن سدرة المُنتهى أعظمُ حجماً من الجنّة التي تُحيط بالسموات والأرض، وقد وصف الله لكم حجمها في القُرآن العظيم لمن يتدبر ويتفكر وقال الله تعالى: { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ } صدق الله العظيم [النّجم]
فإن سألني أحدكم عن بيت فلان فقلت لهُ الجبل الفلاني عند بيت فلان الذي تسأل عنه لقاطعني قائلاً: "كيف تجعل الجبل وهو الأكبر علامة للبيت وهو الأصغر؟ بل قُل بيت فلان عند الجبل الفلاني" . فأقول له: صدقت وصدق الله العظيم { عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ }، وذلك لأن السدرة أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض، أم تظنونها شجرة صغيرة؟ فكيف تكون الجنّة عندها وأنتم تعلمون بأن الجنّة عرضها السموات والأرض.. أفلا تتفكرون؟ بل هي من آيات ربه الكُبرى التي رآها محمد رسول الله في مُنتهى موقع المعراج، فتلقى الكلمات من ربه من ورائها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } صدق الله العظيم [الشورى:51]
وهل تظنون الله كلم موسى تكليماً في البقعة المُباركة جهرةً؟ بل من الشجرة المباركة وقربه الله نجياً وموسى عليه الصلاة والسلام في الأرض. وقال الله تعالى:
{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿30﴾ } صدق الله العظيم [القصص]
ولربّما يستغل الضالين هذه الآية فيؤولونها بالباطل، فأما قوله تعالى في شطر الآية الأول فيتكلم عن موقع موسى بأن موقعه في البقعة المُباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وأما موقع الصوت فهو من الشجرة، لذلك قال الله تعالى بأنه كلم موسى من الشجرة، وقال سبحانه:
{ نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ ربّ العالمين }
وأما النّار فالحكمة منها إحضار موسى إلى البقعة المُباركة، وهي في الحقّيقة نور وليست نار، وإنما حسب ظن موسى بأنها نار، ولكنهُ حين جاءها فلم يجدها ناراً بل نور آتٍ من سدرة المُنتهى، ولكنه لم يرى موسى بأن هذا الضوء آتٍ من السماء بل كان يراه جاثماً على الأرض فأدهش ذلك موسى عليه الصلاة والسلام، ومن ثم وضع رجله على ذلك الضوء الجاثم على الأرض فلم يشعر له بحرارة مُستغرباً من هذا الضوء الجاثم على الأرض، فإذا بالصوت يُرحب به من الشجرة سدرة المُنتهى:
{ نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ ربّ العالمين } صدق الله العظيم [النّمل:8]
فأما الذي بورك فهو موسى بعد دخوله دائرة النّور الذي ظنها ناراً، ومن ثم رأى بأن النّور في الحقّيقة مُنبعث من السماء فرفع رأسه ناظراً لنور ربه المُنبعث من سدرة المُنتهى، ومن ثم عرّف الله لموسى بأن هذا النّور مُنبعث من نور وجهه سُبحانه لذلك قال الله تعالى:
{ يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿9﴾ } صدق الله العظيم [النّمل]
وذلك لأن الله نور السموات والأرض ومن لم يجعل الله لهُ نوراً فما لهُ من نور، ولا يزال لدينا الكثير من البُرهان لتأويل الحقّ لهذه الآية والذي يريد أن يستغلها المسيح الدجال فترون ناراً سحرية لا أساس لها من الصحة، ثم ترونه إنساناً في وسطها فيكلمكم، وخسئ عدو الله ولأنه يقول بأنه أنزل هذا القُرآن سوف يعمُد إلى هذه الآية وقد روّج لها أولياؤه تأويله بالباطل للتمهيد له، ولكنا نعلم بأن الله ليس كمثله شيء فلا يشبه الإنسان وليس كمثله شيء من خلقه في السموات ولا في الأرض، وهيهات هيهات لما يمكرون.. وليس الله هو النّور بل النّور ينبعث من وجهه تعالى علواً كبيراً. وقال سُبحانه وتعالى:
{ اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شرقيّة وَلَا غربيّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿35﴾ } صدق الله العظيم [النّور]
فلا تفكروا في ذاته، فكيف تتفكرون في شيء ليس كمثله شيء؟ وتعرَّفوا على عظمة الله من خلال آياته بين أيديكم ومن فوقكم ومن تحتكم، وتفكروا في خلق السموات والأرض ومن ثم لا تجدون في أنفسكم إلا التعظيم للخالق العظيم وأعينكم تسيل من الدمع مما عرفتم من عظمة الحقّ سُبحانه، ومن ثم تقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا سُبحانك فقنا عذاب النّار..
وأجبرني على بيان ذلك بُرهان حقيقة المعراج لمحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من الثرى إلى سدرة المنتهى بالجسد والروح لكي يرى من آيات ربه الكُبرى بعين اليقين ثم يتلقى الوحي مُباشرة من ربّ العالمين في فرض الصلوات الخمس التي جعلهن الله الصلة بين العبد والمعبود من أقامهن أقام الدين ومن هدمهن هدم الدين، فانظروا لجواب أهل النّار على المؤمنين السائلين عن سبب دخولهم النّار:
{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
وقد يقول أحد المُسلمين من الذين لا يُصلون: "إنّما تخصّ هذه الآية الكفار"، ومن ثم نقول لهُ: إذا لم تُصلي فأنت منهم والعهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فإذا لم يسجد جبينك لربك فأنت متكبرٌ بغير الحقّ وعصيت أمر ربّك وأطعت أمر الشيطان في عدم السجود لله ربّ العالمين يوم يُدعون وأولياؤهم إلى السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يُدعون للسجود لله في الدنيا وهم سالمون.
وأما مواقيت الصلوات الخمس فقد جاء ذلك في القُرآن العظيم بأن ثلاث من الصلوات الخمس جعل الله ميقاتهن في زُلفة من الليل في أوله وآخره، ومعنى الزُلفة أي ميقات قريب من أول النّهار وآخره، وأما اثنتين فجعلهن الله في النّهار فيكونا في طرفي نهار العشي، ونهار العشي من الظُهر وينتهي بغروب الشمس ، وقال الله تعالى:
{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿31﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿32﴾ } صدق الله العظيم [ص]
فمن خلال هذه الآية نفهم بأن نهار العشي طرفه الأول حين تكون الشمس بمنتصف السماء، وطرفه الآخر عند الغروب فينتهي وقت صلاة العصر بتواري الشمس بالحجاب، فيدخل ميقات صلاة المغرب فيستمر إلى غسق الليل، فيدخل ميقات صلاة العشاء، وقال الله تعالى:
{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } صدق الله العظيم [هود:114]
وأما { طَرَفَيِ النّهَارِ } فهو يتكلم عن نهار العشي وطَرفيه هما الظهر في طرف نهار العشي الأول فيكون عند وقت صلاة الظُهر والطرف الآخر في وقت صلاة العصر إلى الغروب وتواري الشمس بالحجاب، وأما { وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ } فقد بينا بأن الزُلفة أي الوقت القريب من النّهار سواء في قطع من أول الليل وهو وقت صلاة المغرب والعشاء، أو قطعاً من آخر الليل وهو وقت صلاة الفجر، ويمتد ميقاتها إلى لحظة طلوع الشمس.
ولربّما يودّ ابن عُمر أو غيره أن يقول: "مهلاً إنما يقصد طرفي النّهار أي الفجر والمغرب، فكيف تجعل طرف النّهار وسطه؟" . ومن ثم نقول له: اعلم بأن النّهار يتكون من نهار الغدو وهو من طلوع الشمس إلى المُنتصف والانكسار فيدخل نهار العشي، وأطراف نهار الغدو والعشي تحتويهما بالضبط صلاة الظهر. وقال الله تعالى:
{ فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ﴿130﴾ } صدق الله العظيم [طه]
. فأما قوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة الفجر، وينتهي ميقاتها بطلوع الشمس، وميقاتها من الدلوك إلى الشروق بطلوع الشمس.
. وأما قوله تعالى { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة العصر، وينتهي ميقاتها بتواري الشمس وراء الحجاب.
. وأما قوله تعالى { وَمِنْ آناء الليل فَسَبِّحْ } وهو أوانه الأول، ويبتدئ من الشفق بعد الغروب إلى الغسق، وذلك ميقات صلاة المغرب والعشاء، وهُن قريبات من بعض فصلاة المغرب منذ أن تتوارى الشمس في الحجاب إلى إقبال الغسق فيدخل ميقات صلاة العشاء، وذلك هو آناء الليل، ويقصد أوانه الأول من الشفق إلى الغسق.
. وأما قوله تعالى { وَأَطْرَافَ النّهَارِ } وهو مُلتقى أطراف نهار الغدو ونهار العشي ومجمعهما في ميقات صلاة الظهر. ولا أظنّ أحداً الآن سوف يقاطعني ليقول: "بل معنى قوله وأطراف النّهار أي طرفه من الفجر وطرفه الآخر هو العصر" . فنقول: ولكنك كررت صلوات وأضعت أُخَر، فتدبر الآية جيداً تجد بأنه ذكر ميقات صلاة الفجر وكذلك ميقات صلاة العصر، فكيف تظن قوله وأطراف النّهار بأنه يقصد صلاة الفجر والعصر وهو قد ذكرهم بقوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }؟ إذاً ليس لك إلا أن توقن بأنه حقاً ميقات صلاة الظهر يكون في مجمع أطراف النّهار، ومجمع أطراف نهار الغدوة ونهار الروحة يحتويهما وقت صلاة الظهر.
ومن ثم نأتيكم بآية من القرآن العظيم تؤكد ما سلف ذكره بأن الصلوات خمسٌ وليست ثلاثٌ. وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ }
صدق الله العظيم [الروم]
وإلى التأويل المُطابق بالحقّ مع الآيات التي ذكرناها من قبل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ }، وإنما الحين هو الوقت المُحدد للتسبيح في الصلوات لذلك يقول {حِينَ}، وأماالتسبيح المطلق فهو في النّوافل والذكر وهي في أي وقت من الأوقات. كمثال قوله تعالى:
{ إِنَّ لَكَ فِي النّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴿7﴾ } صدق الله العظيم [المزمل]
وأما إذا تم التحديد بقوله {حِينَ} فذلك تحديد الوقت، وذلك الوقت قد أصبح معلوم للتسبيح لله في الفرض. تصديقاً لقوله تعالى:
{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ﴿103﴾ } صدق الله العظيم [النّساء]
يكون وقت صلاة مفروضة بلا شك أو ريب نظراً لتحديد وقت التسبيح، ويقصد بذلك التسبيح لله في صلاة مفروضة ألستم إذا ركعتم تُسبّحون وتحمدون وإذا سجدتم تُسبّحون وتحمدون؟ وقال الله تعالى:
{ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿17﴾ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم
وإلى التأويل { فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ } وذلك تحديد الوقت للتسبيح من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وذلك هو حين تمسون، وهو أول الليل، ويقصد بذلك وقت صلاة المغرب من الشفق بعد غروب الشمس إلى الغسق وهو دخول ميقات صلاة العشاء، فذلك هو معنى القول { حِينَ تُمْسُونَ } وهو زلفاً من أول الليل، وذلك الذكر والتسبيح في صلاة المغرب والعشاء.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُصْبِحُونَ } وذلك الوقت المعلوم للذكر والتسبيح في صلاة الفجر.
وأما قوله تعالى { وَعَشِيًّا } وذلك الوقت المعلوم لصلاة العصر، وجاء مُطابقاً لما سبق ذكره وبيانه وبرهانه في أول الخطاب هذا بأن العشي هو العصر.
و أما قوله تعالى { وَحِينَ تُظْهِرُونَ } وذلك هو الوقت المعلوم لصلاة الظهر.
ونأتي الآن لذكر الصلاة الوسطى ويقصد بأنها وسطى من ناحية وقتيّة ولا يقصد وسطى من ناحية عدديّة، وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
وهذا أمر إلهي بالحفاظ على الخمس صلوات وهنّ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن ثم كرر التنويه بالحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لميقاتها الصعب، ومن ثم أمرنا أن نقوم فيها بدعاء القنوت لله ولا ندعو سواه ولا ندعو مع الله أحداً، وكذلك هذه الصلاة مشهودة من قبل المعقبات والدوريات الملائكية وتلك هي صلاة الفجر وصلاة الفجر هي الصلاة الوسطى ودخول ميقاتها هو الوحيد المعلوم في القُرآن بمنتهى الدقة للجاهل والعالم، وذلك في قوله تعالى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } صدق الله العظيم [البقرة:187]
فميقاتها بالوسط بين الليل والنّهار وتلك لحظة الإمساك والأذان للفجر والإمساك معاً، ومن ثم يتمون الصيام إلى الليل وهو ميقات صلاة المغرب، ومن ثم يأتي ذكر الصلوات الخمس مع التنويه والتوضيح أيهم الصلاة الوسطى، وذلك في قوله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
وهذه الآية تحتوي على الصلوات الخمس مع تكرار التنويه للحفاظ على الصلاة الوسطى مع التوضيح أيهم من الصلوات. وقال الله تعالى: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، فقد بيّن لنا أيهم بإشارة دعاء القنوت فيها وتلك هي الصلاة الوسطى، ومن ثم تأتي آية أخرى للتوضيح أكثر للصلاة الوسطى بعد أن ذكر الوقت الشامل للصلوات الخمس في قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم، فهذه الآية ذكرت جميع الصلوات الخمس بدءاً من دلوك الشمس بالأرض من ناحية المشرق فتبيّن لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر، فهل كان ذلك إلا بسبب دلوك الشمس من المشرق؟ وذلك ميقات صلاة الفجر أول ما يقوم النّائم المصلي لأدائها، فيستمر في أداء الصلوات الخمس من أوّلهن عند دلوك الشمس، فيبين لنا دلوك الشمس ظهور الخيط الأبيض بالمشرق إلى غسق الليل وهي آخر الصلوات وتلك هي صلاة العشاء، ومن ثم يأتي التنويه للقيام والحفاظ على الصلاة الوسطى. وذلك قوله تعالى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم.
إذاً صلاة الفجر هي الصلاة الوسطى، تصديقاً لقول الله تعالى: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ﴿1﴾ وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ﴿2﴾ } صدق الله العظيم [الليل]
وذلك الليل يغشى النّهار من جهة الفجر فيكوّر الليل على النّهار من ميقات صلاة الفجر يولج الليل في النّهار يطلبه حثيثاً. إذاً أقسم الله بوقت واحدٍ وهو ميقات صلاة الفجر. وكذلك قول الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم [التكوير]
وكذلك أقسم بوقت صلاة الفجر فمعنى قوله عسعس أي أدبر وانجلى وتنفس الصُبح. ولربّما يريد أحدكم أن يُجادلني فيقول: "بل أقسم بوقتين وهما المغرب بقوله عسعس والفجر بقوله تنفس". ومن ثمّ أردّ عليه فأقول: ولكني لا أفسر القرآن بالظنّ مثلك بل أقول إنهُ أقسم في هذه الآية بوقتٍ واحدٍ وهو وقت صلاة الفجر، وتعال لأعلمك بالبرهان الأوضح لهذه الآية وقال الله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴿33﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴿34﴾ } صدق الله العظيم [المدثر]
فهل ترى البيان واضحاً وجليّاً بأنهُ وقتٌ واحدٌ وليس وقتين؟ والليل إذا أدبر أي ولى والصٌبح إذا أسفر أي ظهر، وجاء هذا القسم ليُبين قسماً آخر وهو { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿17﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿18﴾ } صدق الله العظيم.
وقد علمناكم بأن معنى عسعس أي أدبر، والصبح إذا تنفس أي ظهر، وتلك هي الصلاة الوسطى لو كُنتم تعلمون؟ وهي صلاة الفجر، ولكنكم حسبتموها من ناحية عدديّة بأنّها العصر والقرآن حسبها من ناحية وقتيّة بأنها الفجر، وذلك لأن ميقاته يكون في الخيط الأبيض، والخيط الأبيض هو خط وسط بين الليل والنّهار، وذلك لأن ظهوره عند تنفس النّهار وإدبار الليل فهو في الوسط لذلك يسميه القُرآن الصلاة الوسطى، ولو كنتم تخشون أن تقولوا على الله ما لا تعلمون لرجعتم إلى القرآن ولن يترك الله لكم الحجّة فسوف تجدون القرآن يوضحها لكم في موقع آخر في نفس الموضوع، فقد ذكر الصلاة الوسطى في آيةٍ مُبهمةٍ فيها الصلاة الوسطى، ولكنهُ جعل لها إشارة بأنها تلك الصلاة التي علمكم رسول الله أن تقنتوا فيها نظراً لأنها في أول النّهار وقبل بدء النّشور في الأعمال، وأن عليكم أن تقوموا فيها لله قانتين بالدعاء بعد الركوع الأخير وقال الله تعالى:
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ } صدق الله العظيم [البقرة]
ومن ثم بيّنها الله لكم في آية أخرى وأنها التي يُجهر فيها بالقرآن. وقال الله تعالى:
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } صدق الله العظيم [الإسراء:78]
فتلقيتم نفس الأمر في قوله تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿238﴾ }، بمعنى أن تحافظوا على الصلوات الخمس ثم نوَّه على الحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لأنها في ميقات صعب طرف السُبات الأخير عند بزوغ الفجر يؤذن المؤذن وعندها تمسكون عن الطُعام وعن الشراب في شهر رمضان، ولكن للأسف جعلوا الدلوك هو الاختفاء وكأن صلاة المغرب هي الأولى، بل الدلوك هو اقتراب النّهار، ويتبين لك ظهوره بخيطه الأبيض إلى جانب الأرض من الشرق. فهل أنتم مؤمنون ومتبعون الهادي إلى الصراط المُستقيم؟
ونأتي الآن لنفي عذاب القبر في حُفرة السوءة، فهلمّوا يا معشر علماء السُّنة أشد النّاس عقيدةً بأنّ العذاب من بعد الموت يكون في القبر، وبهذه العقيدة أنكروا حقيقة الإسراء والمعراج، وذلك لأنّ محمد رسول الله وجد الكفار المجرمين في نار جهنم يتعذبون جميعاً وليسوا أشتاتاً في قبورهم، وكذلك جعلتم للكفار عليكم سلطاناً بهذه العقيدة التي ما أنزل الله بها من سلطان بأن العذاب من بعد الموت في القبر حُفرة السوءة، فهلمّوا لننظر الفتوى الحقّ من القرآن العظيم ..