الإمام ناصر محمد اليماني
04-01-2010,
04-01-2010,
02:58 am
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين جدّي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - والتابعين للحقّ إلى يوم الدين..
ويا معشر علماء المسلمين وأمّتهم، أرجو ان لا يكون هذا البيان فتنة لكم فإنكم تجهلون قدر المهدي المنتظر ولا تحيطون بسرّه وألقي إليكم سؤالاً. ألستم تعتقدون أن الله جعل الإمام المهدي إماماً لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلم؟ وأنتم تعلمون أن هذه الفتوى من الله ورسوله في شأن الإمام المهدي بأنه قد جعله الإمام للمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام سوف تسوء النّصارى أيّما إساءة، فتكون فتنة لكثيرٍ منهم فلا يتبعون الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّهم، وسبب فتنتهم هي المبالغة في نبيّهم المسيح عيسى ابن مريم لدرجة انهم قالوا ابن الله، ومنهم من بالغ أكثر وقال بل هو الله ذاته سبحانه وتعالى علواً كبيراً، فإذا كانت هذه مبالغتهم في رسول الله المسيح عيسى ابن مريم فهل ترونهم سوف يتبعون الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّهم لأنهم لن يقبلوا أن يكون المهدي المنتظر هو الإمام لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلى الله عليه وعلى أمّه وآل عمران وسلم؟ إذا النّصارى لن يرضوا ابداً أن يكون الإمام المهدي إماماً لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم بسبب المبالغة بغير الحقّ في شأن رسول الله المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وكذلك المسلمين حتماً سيغضبهم أن يقول ناصر محمد اليماني أنه أعلم عبد في الكتاب ثم يكون ذلك سبب فتنتهم ويقولون كيف يكون الإمام المهدي هو أعلم من محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ ثم يرتدَّ عن التصديق بعض الأنصار ويزيد المسلمين إنكاراً وكُفراً بالبيان الحقّ للقرآن العظيم وسبب فتنتهم هي المبالغة في شأن جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
ومن ثم يردّ عليهم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:والله يا قوم أنه مهما كرّم الله الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّكم فما هو إلا عبدٌ مثلكم ويحيا عبداً ويموت عبداً ويُبعث عبدٌ ولا ينبغي له ان يتجاوز الناموس الحقّ في مُحكم الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94)}
صدق الله العظيم [مريم]
وذلك هو بينكم وبين المهدي المنتظر أن لا يتجاوز الناموس لعبيد الله في السماوات والأرض ويدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما ينبغي أن يُعبد لا تُشركون بالله شيئاً، فيدعوكم أن تكونوا ربانيين تعبدون نعيم رضوان الله عليكم وتتنافسون في حُبّه وقربه سبحانه وتعالى علواً كبيراً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}
صدق الله العظيم [ال عمران:79]
وذلك بيني وبينكم يا علماء المسلمين وأمّتهم فإن تغيرت دعوتي يوماً ما ولا قدر الله فعند ذلك قد جعل الله لكم الحُجّة على ناصر محمد اليماني، وأرجو من ربّي التثبيت الذي يحول بين المرء وقلبه وهو السميع العليم.
ولكن سبب فتنتكم هي المبالغة في الأنبياء والمرسلين لدرجة أنّكم حصرتم الوسيلة لهم من دون الصالحين حتى أشركتم بالله ربّ العالمين.
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام، إن أكثر الآيات التي أمدّ الله بها خلفاءه هي للمهدي المنتظر ولكنّي أعلم ان الله لو يمدّني بها الآن أنها لن تزيدكم إلا كُفراً وإعراضاً. وقال الله تعالى:
{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّـهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٧﴾وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴿٣٨﴾وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَن يَشَإِ اللَّـهُ يُضْلِلْـهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٣٩﴾}
صدق الله العظيم [الأنعام]
وقال الله تعالى:
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شيء قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:111]
وفي ذلك ملكوت خليفة الله الإمام المهدي على الأمم مَن في الارض ومن في السماء فيرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء، وذلك لأنه برغم الملكوت الذي سيؤتيه الله فلن يرضى إلا بالنّعيم الأعظم من ذلك كُله وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون الله راضياً في نفسه؟ حتى يدخل عباده في رحمته، ومن ثم تأتي الشّفاعة للعباد من الله وحده الذي له الشّفاعة جميعاً، ولكنكم لا تحيطون بسرّ الشّفاعة، فهي ليست كما تزعمون يا إخواني المسلمين ولو كانت الشّفاعة كما تزعمون لكفرتم بآيات الكتاب المحكمات التي تفتيكم عن الشّفاعة فتنفيها جملة وتفصيلاً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى ربّهم لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:51]
بل تجدون الله يخاطب في محكم الكتاب المؤمنين المنتظرين للشفاعة بين يدي ربّهم. وقال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[البقرة:254]
وقال الله تعالى:
{وَاتَّقُواْ يوماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}
[البقرة:48]
وقال الله تعالى:
{يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}
[الأعراف:53]
وقال الله تعالى:
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِربّ العالمين(98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101)}
[الشعراء]
وقال الله تعالى:
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سبحانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[يونس:18]
وقال الله تعالى:
{وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}
[الأنعام:94]
وقال الله تعالى
{وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}
[الروم:13]
وقال الله تعالى:
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى ربّهم لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
[الأنعام:51]
وقال الله تعالى:
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنيا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ}
[الأنعام:70]
وقال الله تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}
[السجدة:4]
وقال الله تعالى:
{قُل لِّلَّهِ الشّفاعة جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
[الزمر:44]
صدق الله العظيم
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام، فبالله عليكم كيف تعتقدون بالشفاعة بين يدي الله من بعد النفي المطلق للشفاعة بين يدي الله؟ ومن ثم يتوقف علماء الأمّة وأولوا الألباب للتفكر والتدبر فيقولون: "إن الشّفاعة هي ليست كما نزعم أن يتقدم أحدٌ بين يدي ربّه ويطلبه الشّفاعة سبحانه وتعالى علواً كبيراً! فكيف نكفر بآيات محكمات من آيات أمّ الكتاب البينات تنفي الشّفاعة جملةً وتفصيلاً حتى للمؤمنين؟" . وقال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:254]
ومن ثم يردّ أولوا الألباب سر الشّفاعة إلى علام الغيوب حتى يبعث الله لهم الإمام المهدي ليفتيهم في سرّ الشّفاعة ونقول لهم: يا أمّة الإسلام، إن سرّ الشّفاعة هي في حقيقة اسم الله الأعظم الذي لم يسبق ببيانه أحدٌ من عبيد الله في السماوات والأرض ولم يبينه لعبيد الله بالملكوت إلا خليفة الله عبد النّعيم الأعظم الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني، ولم أقُل لكم أن الشّفاعة لي من دون الأنبياء بل ننفيها، وإنما علمناكم بسرّها كيف تكون وهو أن الإمام المهدي يُحاجّ ربّه أن يُحقق له النّعيم الأعظم من كافة ملكوت ربّه في الدُّنيا والآخرة ولم يرضى أبداً بملكوت ربّه بل يطلب من ربّه أن يحقق له النّعيم الأعظم من ذلك وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ حتى يدخل عباده في رحمته ويحقق لعبده الهدف الذي حرّم على نفسه نعيم جنّة ربّه ويريد النّعيمَ الأعظم منها، ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله، وذلك لأن الإمام المهدي أذن له الرحمن وقال صواباً، ذلك لأن الله المُتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم برغم أنهم لم يظلمهم شيئاً هو حقاً أرحم الراحمين وذلك هو الصواب يا أولي الألباب، ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله لعبيده فتشفع لهم رحمته التي كتب على نفسه، فلن ينكر الله عبده أنه حقاً أرحم الراحمين ولذلك يتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله وحده فيتفاجأ العبيد بعفو ربّهم الشامل. وقال الله تعالى:
{ولَا تَنفَعُ الشّفاعة عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ ربّكم قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير}
صدق الله العظيم [سبأ:23]
وفي هذا الموضع يتبين لكم أن سرّ الشّفاعة أختص به عبد من عبيد الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {ولَا تَنفَعُ الشّفاعة عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} صدق الله العظيم، وذلك هو العبد الذي يخاطب ربّه بالصواب وهو الوحيد الذي أذن الله له أن يخاطب ربّه في مسألة الشّفاعة. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}
صدق الله العظيم [النبأ:38]
فما هو الصواب في نظركم فهل هو أن يخاطب أحد أنبياء الله ربّ العالمين فيسأله الشّفاعة لأمّته؟ فهل هو أرحم بهم من الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً! أفلا تعقلون؟ أم إن الصواب هي فتوى الإمام المهدي في سرّ الشّفاعة الحقّ أنها لله جميعاً سبحانه وتعالى علواً كبيراً؟ وإنما القول الصواب هو لأن الإمام المهدي خاطب ربّه يسأله أن يحقق له النّعيم الأعظم من ملكوت الدُّنيا والآخرة برغم أن الله أتاه الدرجة العالية فرفضها ويريد تحقيق النّعيم الأعظم والأكبر منها أن يكون الله راضياً في نفسه لا متحسر ولا غضبان، ومن ثم جاءت الشّفاعة من الله برغم أن الإمام المهدي لم يسأل ربّه الشّفاعة شيء ولا ينبغي له، وإنما خاطب ربّه في تحقيق النّعيم الأعظم من جنّته وهو أن يكون راضياً في نفسه، وذلك هدف الإمام المهدي الذي يبتغيه في الدُّنيا والآخرة أن يكون ربّه الله حبيبه راضياً في نفسه. وأقسمُ بالله العظيم أن الإمام المهدي لفي عجبٍ شديدٍ ممن فرحوا بجنة ربّهم. وقال الله تعالى:
{ فرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يحزنون }
صدق الله العظيم [ال عمران:170]
وسبب عجبي هو كيف يرضون بنعيم الجنّة والحور العين وربّهم الرحمن الحبيب الأعظم يقول في نفسه:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
هيهات هيهات أن يرضى الإمام المهدي بملكوت ربّه فلن يفتنه عن نعيمه شيئاً حتى لو ضاعفه الله لي عداد مثاقيل ذرات الكون العظيم وكل ذرة ملكوت بأسرها لما ازددت إلا إيماناً وتثبيتاً وعدم الرضى إلا بتحقيق النّعيم الأعظم من ذلك كله، وأقسمُ بالله ربّ العالمين لا يساوي قدر بعوضة حتى ولو افتديت البعوضة بما فوقها من ملكوت ربّي الذي استخلفني عليه.
ويا أحباب الله يا من يحبون الله أعظم من جنّة النّعيم والحور العين وأعظم ملكوت ربّي كله مهما كان ومهما يكون فهل ترون أنفسكم سوف ترضى بنعيم الجنّة وحورها وقصورها وملكوتها وحبيبكم ليس بسعيد ولا فرحان بل حزين في نفسه وغضبان ومتحسر على عباده الذين يصطرخون في نار جهنم ويقولون:
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}
صدق الله العظيم [فاطر:37]
ولكن يا أحباب الله إنهم لم يسألوا الله برحمته التي كتب على نفسه فيقولوا :
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
صدق الله العظيم
ويا أصحاب النّار من الذي أفتاكم أن الدُعاء قد رُفع في الآخرة؟ وإنما رفعت الأعمال وجفّت الصحف فلا يقبل الله عملاً في ذلك اليوم ولا نفقة حتى لو ينفق أحدهم ملءُ الأرض ذهباً فلن يتقبل منه لأنها رفعت الأعمال وجفّت الصحف.
{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}
[الإسراء:14]
ولكنه بقي وعدٌ من الله غير مكذوب في الدنيا والآخرة. وقال الله تعالى:
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ}
صدق الله العظيم [النمل:62]
وقال الله تعالى:
{وَقالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
صدق الله العظيم [غافر:60]
ولكن للأسف فإن أصحاب النّار يدعون عباده من دونه. وقال الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النّار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا ربّكم يُخَفِّفْ عَنَّا يوماً مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50)}
صدق الله العظيم [غافر]
فانظروا إلى قول ملائكة الرحمن: {قَالُوا فَادْعُوا} أي ادعوا الله فكيف يدعون عباده من دونه فهل هم أرحم بهم من الله أرحم الراحمين ومن ثم انظروا إلى قوله: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} صدق الله العظيم
وذلك لأنهم يلتمسون الرحمة ممن هم أدنى رحمة من الله فيدعونهم من دونه أن يدعوا ربّهم أن يخفف عنهم يوماً من العذاب ولكن دعاءهم في ضلال وذلك لأنهم يدعون الملائكة من دونه أن يشفعوا لهم عند ربّهم أن يخفف عنهم حتى يوماً واحداً من العذاب، إذا دعاءهم في ضلالٍ. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٧٢﴾}
صدق اله العظيم [الإسراء]
وذلك لأنه أعمى عن معرفة ربّه الله أرحم به من عباده الله أرحم الراحمين ولكنهم من رحمته يائسون ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمون.
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام يا أمّة المهدي المنتظر في زمان بعثه، لقد منّ الله عليكم أعظم منٍّ على أمّة في الكتاب لو تكونوا من الشاكرين فتستجيبوا لدعوة الإمام المهدي إلى عبادة النّعيم الأعظم من ملكوت الدُّنيا والآخرة.
ويا معشر أحباب الله يا أنصار المهدي المنتظر يا من يحبون الله أعظم من كُل شيء في الدُّنيا والآخرة يا من كانوا أشد حباً لله من بين الأمم، أقسمُ لكم بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم أن الله ربّ العالمين ليس بسعيد في نفسه وغضبان ومتحسر على عباده، فأمّا الغضب فهو من الأحياء الذين لم يتوبوا إلى ربّهم من قبل موتهم الآن، وأمّا التّحسر فهو على أمم أهلكهم من قبلهم فأصبحوا من النادمين ويقول كُل منهم:
{يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)}
صدق الله العظيم [الزمر:56]
فهؤلاء لم يعُد الله غاضباً عليهم ولكنه مُتحسرٌ عليهم بسبب ظلمهم لأنفسهم ولو سألوه رحمته لأجابهم ولكنهم من رحمته يائسون ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمون.
ويا أحباب الله يا من يحبون الله حُبّاً شديداً، سألتكم بالله العظيم لو أن أحد أبنائكم كان عاصياً لوالديه طيلة الحياة الدُّنيا ومن ثم وجدوه يوم القيامة يصطرخ في نار جهنم فيسمع صوته والداه وهو يصرخ من حريق جهنّم التي وقودها النّاس والحجارة، فتصوروا مدى الحسرة في أنفسهم على ولدهم مهما كان عاصياً لهم في الحياة الدُّنيا فما بالكم بحسرة الله أرحم الراحمين الذي يقول:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
وفي هذا الموضع يبكي المهدي المنتظر ويقول: لمَ خلقتني يا إلهي؟ فكيف يمكن أن أكون سعيداً بجنة النّعيم والحور العين وحبيبي ربّي من هو أحبّ من جنّة النّعيم والحور العين ليس بسعيدٍ في نفسه ومُتحسر على عباده؟ ولو كان ينام مثلنا لكان ارتاح من الحسرة على عباده الذين ظلموا أنفسهم ما دام نائماً سبحانه!! ولو كان ينسى ولو ثانية واحدة لكانت ارتاحت نفسه ما دام ناسياً ولكنه حيٌّ قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم لا يسهى ولا ينسى وفي كل ثانية تمر وهو متحسر على عباده الذي يتعذبون في ناره بسبب ظلمهم لأنفسهم فأدخلهم كمثل أمّة نبي الله نوح دخلوا النّار فور غرقهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}
صدق الله العظيم [نوح:25]
وكافة الأمم من بعدهم المكذبين برسل ربّهم يدعوا عليهم رسل ربّهم فيستجيب لهم فيصدقهم ما وعدهم ويدمر المُكذبين برسل ربّهم تدميراً، فكيف يخلف وعده لرسله؟ ومن أصدق بوعده من الله؟ ولكن عباده الكافرين الذين أهلكهم بسبب تكذيبهم لرسل ربّهم لم يهنوا عليه فهل يهن في قلوب الوالدين ولدهم مهما كان عاصياً لهم؟ فما ظنكم في الله أرحم الراحمين؟ فهل ترون أن عباده الكافرون الذين أهلكهم بسبب تكذيبهم لرسل ربّهم سوف يهنوا عليه وهو أرحم الراحمين؟ بل لم يهنوا عليه وإنه لحزين عليهم أعظم من حزن الوالدين على ولدهم العاصي لو ينظرا إليه وهو يصطرخ في نار جهنّم، بل حسرة الله على عبادة الكافرين هي أعظم.
وتالله لا أزال أذكر أحبابي مَنْ الله هو أشدّ حباً في قلوبهم من كل شيء في الدُّنيا والآخرة وأقول لهم: يا من يحبون الله أكثر من آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم ومن جنة النّعيم والحور العين
فهل ترون أنكم سوف تكونوا سعداء بجنة النّعيم والحور العين وحبيبكم يقول في نفسه:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
وهنا تسيل دموع الإمام المهدي على خديه فيُناجي ربّه ويقول: لمَ خلقتني يا إلهي وإني أعلم بجوابك على عبدك في محكم كتابك عن الهدف من خلقي:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
صدق الله العظيم [الذاريات:56]
ومن ثم أقول: يا إلهي ألم تُحرم الظُلم على نفسك؟ وجوابك معلوم في محكم كتابك:
{وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
صدق الله العظيم [الكهف:49]
ومن ثم أقول: فما ذنب من يحبك أعظم من جنّة النّعيم والحور العين؟ فكيف يكون فرحاً مسروراً بجنة النّعيم والحور العين وحبيبه الأعظم الله ربّ العالمين ليس فرحاً مسروراً في نفسه بل مُتحسر على عباده الذين ظلموا انفسهم بل حسرتك ربي على عبيدك منذ أمدٍ بعيد وأنت تقول:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
ومن ثم يقول الإمام المهدي يا أحباب الله يا من تفيض أعينهم مما عرفوا من حقيقة اسم الله الأعظم، إنكم من القوم الذي يحبهم الله ويحبونه فهل ترضون بالحور العين وجنات النّعيم وحبيبكم الأعظم ليس راضٍ في نفسه ومُتحسر على عباده؟ فاتبعوني لتحقيق النّعيم الأعظم فيكون الله راضياً في نفسه، واعلموا أن الله لن يكون راضياً في نفسه حتى يجعل الأمم أمّة واحدة على صراطٍ مستقيمٍ وليس ذلك على الله بعزيز. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}
صدق الله العظيم,[يونس:99]
وتصديقاً لقول الله تعالى:
{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا أَن لَّوْ يَشَاءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً}
صدق الله العظيم [الرعد:31]
اللهم إني على ذلك لمن الشاهدين وما ذلك على الله بعزيز، وسلامُ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو البشر في الدم من حواء وآدم عبد النّعيم الأعظم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين جدّي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - والتابعين للحقّ إلى يوم الدين..
ويا معشر علماء المسلمين وأمّتهم، أرجو ان لا يكون هذا البيان فتنة لكم فإنكم تجهلون قدر المهدي المنتظر ولا تحيطون بسرّه وألقي إليكم سؤالاً. ألستم تعتقدون أن الله جعل الإمام المهدي إماماً لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلم؟ وأنتم تعلمون أن هذه الفتوى من الله ورسوله في شأن الإمام المهدي بأنه قد جعله الإمام للمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام سوف تسوء النّصارى أيّما إساءة، فتكون فتنة لكثيرٍ منهم فلا يتبعون الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّهم، وسبب فتنتهم هي المبالغة في نبيّهم المسيح عيسى ابن مريم لدرجة انهم قالوا ابن الله، ومنهم من بالغ أكثر وقال بل هو الله ذاته سبحانه وتعالى علواً كبيراً، فإذا كانت هذه مبالغتهم في رسول الله المسيح عيسى ابن مريم فهل ترونهم سوف يتبعون الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّهم لأنهم لن يقبلوا أن يكون المهدي المنتظر هو الإمام لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلى الله عليه وعلى أمّه وآل عمران وسلم؟ إذا النّصارى لن يرضوا ابداً أن يكون الإمام المهدي إماماً لرسول الله المسيح عيسى ابن مريم بسبب المبالغة بغير الحقّ في شأن رسول الله المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وكذلك المسلمين حتماً سيغضبهم أن يقول ناصر محمد اليماني أنه أعلم عبد في الكتاب ثم يكون ذلك سبب فتنتهم ويقولون كيف يكون الإمام المهدي هو أعلم من محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ ثم يرتدَّ عن التصديق بعض الأنصار ويزيد المسلمين إنكاراً وكُفراً بالبيان الحقّ للقرآن العظيم وسبب فتنتهم هي المبالغة في شأن جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
ومن ثم يردّ عليهم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:والله يا قوم أنه مهما كرّم الله الإمام المهدي المنتظر الحقّ من ربّكم فما هو إلا عبدٌ مثلكم ويحيا عبداً ويموت عبداً ويُبعث عبدٌ ولا ينبغي له ان يتجاوز الناموس الحقّ في مُحكم الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94)}
صدق الله العظيم [مريم]
وذلك هو بينكم وبين المهدي المنتظر أن لا يتجاوز الناموس لعبيد الله في السماوات والأرض ويدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما ينبغي أن يُعبد لا تُشركون بالله شيئاً، فيدعوكم أن تكونوا ربانيين تعبدون نعيم رضوان الله عليكم وتتنافسون في حُبّه وقربه سبحانه وتعالى علواً كبيراً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}
صدق الله العظيم [ال عمران:79]
وذلك بيني وبينكم يا علماء المسلمين وأمّتهم فإن تغيرت دعوتي يوماً ما ولا قدر الله فعند ذلك قد جعل الله لكم الحُجّة على ناصر محمد اليماني، وأرجو من ربّي التثبيت الذي يحول بين المرء وقلبه وهو السميع العليم.
ولكن سبب فتنتكم هي المبالغة في الأنبياء والمرسلين لدرجة أنّكم حصرتم الوسيلة لهم من دون الصالحين حتى أشركتم بالله ربّ العالمين.
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام، إن أكثر الآيات التي أمدّ الله بها خلفاءه هي للمهدي المنتظر ولكنّي أعلم ان الله لو يمدّني بها الآن أنها لن تزيدكم إلا كُفراً وإعراضاً. وقال الله تعالى:
{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّـهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٧﴾وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴿٣٨﴾وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَن يَشَإِ اللَّـهُ يُضْلِلْـهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٣٩﴾}
صدق الله العظيم [الأنعام]
وقال الله تعالى:
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شيء قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:111]
وفي ذلك ملكوت خليفة الله الإمام المهدي على الأمم مَن في الارض ومن في السماء فيرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء، وذلك لأنه برغم الملكوت الذي سيؤتيه الله فلن يرضى إلا بالنّعيم الأعظم من ذلك كُله وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون الله راضياً في نفسه؟ حتى يدخل عباده في رحمته، ومن ثم تأتي الشّفاعة للعباد من الله وحده الذي له الشّفاعة جميعاً، ولكنكم لا تحيطون بسرّ الشّفاعة، فهي ليست كما تزعمون يا إخواني المسلمين ولو كانت الشّفاعة كما تزعمون لكفرتم بآيات الكتاب المحكمات التي تفتيكم عن الشّفاعة فتنفيها جملة وتفصيلاً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى ربّهم لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:51]
بل تجدون الله يخاطب في محكم الكتاب المؤمنين المنتظرين للشفاعة بين يدي ربّهم. وقال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[البقرة:254]
وقال الله تعالى:
{وَاتَّقُواْ يوماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}
[البقرة:48]
وقال الله تعالى:
{يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}
[الأعراف:53]
وقال الله تعالى:
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِربّ العالمين(98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101)}
[الشعراء]
وقال الله تعالى:
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سبحانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[يونس:18]
وقال الله تعالى:
{وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}
[الأنعام:94]
وقال الله تعالى
{وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}
[الروم:13]
وقال الله تعالى:
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى ربّهم لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
[الأنعام:51]
وقال الله تعالى:
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنيا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ}
[الأنعام:70]
وقال الله تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}
[السجدة:4]
وقال الله تعالى:
{قُل لِّلَّهِ الشّفاعة جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
[الزمر:44]
صدق الله العظيم
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام، فبالله عليكم كيف تعتقدون بالشفاعة بين يدي الله من بعد النفي المطلق للشفاعة بين يدي الله؟ ومن ثم يتوقف علماء الأمّة وأولوا الألباب للتفكر والتدبر فيقولون: "إن الشّفاعة هي ليست كما نزعم أن يتقدم أحدٌ بين يدي ربّه ويطلبه الشّفاعة سبحانه وتعالى علواً كبيراً! فكيف نكفر بآيات محكمات من آيات أمّ الكتاب البينات تنفي الشّفاعة جملةً وتفصيلاً حتى للمؤمنين؟" . وقال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:254]
ومن ثم يردّ أولوا الألباب سر الشّفاعة إلى علام الغيوب حتى يبعث الله لهم الإمام المهدي ليفتيهم في سرّ الشّفاعة ونقول لهم: يا أمّة الإسلام، إن سرّ الشّفاعة هي في حقيقة اسم الله الأعظم الذي لم يسبق ببيانه أحدٌ من عبيد الله في السماوات والأرض ولم يبينه لعبيد الله بالملكوت إلا خليفة الله عبد النّعيم الأعظم الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني، ولم أقُل لكم أن الشّفاعة لي من دون الأنبياء بل ننفيها، وإنما علمناكم بسرّها كيف تكون وهو أن الإمام المهدي يُحاجّ ربّه أن يُحقق له النّعيم الأعظم من كافة ملكوت ربّه في الدُّنيا والآخرة ولم يرضى أبداً بملكوت ربّه بل يطلب من ربّه أن يحقق له النّعيم الأعظم من ذلك وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ حتى يدخل عباده في رحمته ويحقق لعبده الهدف الذي حرّم على نفسه نعيم جنّة ربّه ويريد النّعيمَ الأعظم منها، ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله، وذلك لأن الإمام المهدي أذن له الرحمن وقال صواباً، ذلك لأن الله المُتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم برغم أنهم لم يظلمهم شيئاً هو حقاً أرحم الراحمين وذلك هو الصواب يا أولي الألباب، ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله لعبيده فتشفع لهم رحمته التي كتب على نفسه، فلن ينكر الله عبده أنه حقاً أرحم الراحمين ولذلك يتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم ومن ثم تأتي الشّفاعة من الله وحده فيتفاجأ العبيد بعفو ربّهم الشامل. وقال الله تعالى:
{ولَا تَنفَعُ الشّفاعة عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ ربّكم قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير}
صدق الله العظيم [سبأ:23]
وفي هذا الموضع يتبين لكم أن سرّ الشّفاعة أختص به عبد من عبيد الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {ولَا تَنفَعُ الشّفاعة عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} صدق الله العظيم، وذلك هو العبد الذي يخاطب ربّه بالصواب وهو الوحيد الذي أذن الله له أن يخاطب ربّه في مسألة الشّفاعة. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}
صدق الله العظيم [النبأ:38]
فما هو الصواب في نظركم فهل هو أن يخاطب أحد أنبياء الله ربّ العالمين فيسأله الشّفاعة لأمّته؟ فهل هو أرحم بهم من الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً! أفلا تعقلون؟ أم إن الصواب هي فتوى الإمام المهدي في سرّ الشّفاعة الحقّ أنها لله جميعاً سبحانه وتعالى علواً كبيراً؟ وإنما القول الصواب هو لأن الإمام المهدي خاطب ربّه يسأله أن يحقق له النّعيم الأعظم من ملكوت الدُّنيا والآخرة برغم أن الله أتاه الدرجة العالية فرفضها ويريد تحقيق النّعيم الأعظم والأكبر منها أن يكون الله راضياً في نفسه لا متحسر ولا غضبان، ومن ثم جاءت الشّفاعة من الله برغم أن الإمام المهدي لم يسأل ربّه الشّفاعة شيء ولا ينبغي له، وإنما خاطب ربّه في تحقيق النّعيم الأعظم من جنّته وهو أن يكون راضياً في نفسه، وذلك هدف الإمام المهدي الذي يبتغيه في الدُّنيا والآخرة أن يكون ربّه الله حبيبه راضياً في نفسه. وأقسمُ بالله العظيم أن الإمام المهدي لفي عجبٍ شديدٍ ممن فرحوا بجنة ربّهم. وقال الله تعالى:
{ فرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يحزنون }
صدق الله العظيم [ال عمران:170]
وسبب عجبي هو كيف يرضون بنعيم الجنّة والحور العين وربّهم الرحمن الحبيب الأعظم يقول في نفسه:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
هيهات هيهات أن يرضى الإمام المهدي بملكوت ربّه فلن يفتنه عن نعيمه شيئاً حتى لو ضاعفه الله لي عداد مثاقيل ذرات الكون العظيم وكل ذرة ملكوت بأسرها لما ازددت إلا إيماناً وتثبيتاً وعدم الرضى إلا بتحقيق النّعيم الأعظم من ذلك كله، وأقسمُ بالله ربّ العالمين لا يساوي قدر بعوضة حتى ولو افتديت البعوضة بما فوقها من ملكوت ربّي الذي استخلفني عليه.
ويا أحباب الله يا من يحبون الله أعظم من جنّة النّعيم والحور العين وأعظم ملكوت ربّي كله مهما كان ومهما يكون فهل ترون أنفسكم سوف ترضى بنعيم الجنّة وحورها وقصورها وملكوتها وحبيبكم ليس بسعيد ولا فرحان بل حزين في نفسه وغضبان ومتحسر على عباده الذين يصطرخون في نار جهنم ويقولون:
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}
صدق الله العظيم [فاطر:37]
ولكن يا أحباب الله إنهم لم يسألوا الله برحمته التي كتب على نفسه فيقولوا :
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
صدق الله العظيم
ويا أصحاب النّار من الذي أفتاكم أن الدُعاء قد رُفع في الآخرة؟ وإنما رفعت الأعمال وجفّت الصحف فلا يقبل الله عملاً في ذلك اليوم ولا نفقة حتى لو ينفق أحدهم ملءُ الأرض ذهباً فلن يتقبل منه لأنها رفعت الأعمال وجفّت الصحف.
{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}
[الإسراء:14]
ولكنه بقي وعدٌ من الله غير مكذوب في الدنيا والآخرة. وقال الله تعالى:
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ}
صدق الله العظيم [النمل:62]
وقال الله تعالى:
{وَقالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
صدق الله العظيم [غافر:60]
ولكن للأسف فإن أصحاب النّار يدعون عباده من دونه. وقال الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النّار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا ربّكم يُخَفِّفْ عَنَّا يوماً مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50)}
صدق الله العظيم [غافر]
فانظروا إلى قول ملائكة الرحمن: {قَالُوا فَادْعُوا} أي ادعوا الله فكيف يدعون عباده من دونه فهل هم أرحم بهم من الله أرحم الراحمين ومن ثم انظروا إلى قوله: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} صدق الله العظيم
وذلك لأنهم يلتمسون الرحمة ممن هم أدنى رحمة من الله فيدعونهم من دونه أن يدعوا ربّهم أن يخفف عنهم يوماً من العذاب ولكن دعاءهم في ضلال وذلك لأنهم يدعون الملائكة من دونه أن يشفعوا لهم عند ربّهم أن يخفف عنهم حتى يوماً واحداً من العذاب، إذا دعاءهم في ضلالٍ. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٧٢﴾}
صدق اله العظيم [الإسراء]
وذلك لأنه أعمى عن معرفة ربّه الله أرحم به من عباده الله أرحم الراحمين ولكنهم من رحمته يائسون ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمون.
ويا أمّة الإسلام يا حجاج بيت الله الحرام يا أمّة المهدي المنتظر في زمان بعثه، لقد منّ الله عليكم أعظم منٍّ على أمّة في الكتاب لو تكونوا من الشاكرين فتستجيبوا لدعوة الإمام المهدي إلى عبادة النّعيم الأعظم من ملكوت الدُّنيا والآخرة.
ويا معشر أحباب الله يا أنصار المهدي المنتظر يا من يحبون الله أعظم من كُل شيء في الدُّنيا والآخرة يا من كانوا أشد حباً لله من بين الأمم، أقسمُ لكم بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم أن الله ربّ العالمين ليس بسعيد في نفسه وغضبان ومتحسر على عباده، فأمّا الغضب فهو من الأحياء الذين لم يتوبوا إلى ربّهم من قبل موتهم الآن، وأمّا التّحسر فهو على أمم أهلكهم من قبلهم فأصبحوا من النادمين ويقول كُل منهم:
{يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)}
صدق الله العظيم [الزمر:56]
فهؤلاء لم يعُد الله غاضباً عليهم ولكنه مُتحسرٌ عليهم بسبب ظلمهم لأنفسهم ولو سألوه رحمته لأجابهم ولكنهم من رحمته يائسون ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمون.
ويا أحباب الله يا من يحبون الله حُبّاً شديداً، سألتكم بالله العظيم لو أن أحد أبنائكم كان عاصياً لوالديه طيلة الحياة الدُّنيا ومن ثم وجدوه يوم القيامة يصطرخ في نار جهنم فيسمع صوته والداه وهو يصرخ من حريق جهنّم التي وقودها النّاس والحجارة، فتصوروا مدى الحسرة في أنفسهم على ولدهم مهما كان عاصياً لهم في الحياة الدُّنيا فما بالكم بحسرة الله أرحم الراحمين الذي يقول:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
وفي هذا الموضع يبكي المهدي المنتظر ويقول: لمَ خلقتني يا إلهي؟ فكيف يمكن أن أكون سعيداً بجنة النّعيم والحور العين وحبيبي ربّي من هو أحبّ من جنّة النّعيم والحور العين ليس بسعيدٍ في نفسه ومُتحسر على عباده؟ ولو كان ينام مثلنا لكان ارتاح من الحسرة على عباده الذين ظلموا أنفسهم ما دام نائماً سبحانه!! ولو كان ينسى ولو ثانية واحدة لكانت ارتاحت نفسه ما دام ناسياً ولكنه حيٌّ قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم لا يسهى ولا ينسى وفي كل ثانية تمر وهو متحسر على عباده الذي يتعذبون في ناره بسبب ظلمهم لأنفسهم فأدخلهم كمثل أمّة نبي الله نوح دخلوا النّار فور غرقهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}
صدق الله العظيم [نوح:25]
وكافة الأمم من بعدهم المكذبين برسل ربّهم يدعوا عليهم رسل ربّهم فيستجيب لهم فيصدقهم ما وعدهم ويدمر المُكذبين برسل ربّهم تدميراً، فكيف يخلف وعده لرسله؟ ومن أصدق بوعده من الله؟ ولكن عباده الكافرين الذين أهلكهم بسبب تكذيبهم لرسل ربّهم لم يهنوا عليه فهل يهن في قلوب الوالدين ولدهم مهما كان عاصياً لهم؟ فما ظنكم في الله أرحم الراحمين؟ فهل ترون أن عباده الكافرون الذين أهلكهم بسبب تكذيبهم لرسل ربّهم سوف يهنوا عليه وهو أرحم الراحمين؟ بل لم يهنوا عليه وإنه لحزين عليهم أعظم من حزن الوالدين على ولدهم العاصي لو ينظرا إليه وهو يصطرخ في نار جهنّم، بل حسرة الله على عبادة الكافرين هي أعظم.
وتالله لا أزال أذكر أحبابي مَنْ الله هو أشدّ حباً في قلوبهم من كل شيء في الدُّنيا والآخرة وأقول لهم: يا من يحبون الله أكثر من آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم ومن جنة النّعيم والحور العين
فهل ترون أنكم سوف تكونوا سعداء بجنة النّعيم والحور العين وحبيبكم يقول في نفسه:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
وهنا تسيل دموع الإمام المهدي على خديه فيُناجي ربّه ويقول: لمَ خلقتني يا إلهي وإني أعلم بجوابك على عبدك في محكم كتابك عن الهدف من خلقي:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
صدق الله العظيم [الذاريات:56]
ومن ثم أقول: يا إلهي ألم تُحرم الظُلم على نفسك؟ وجوابك معلوم في محكم كتابك:
{وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
صدق الله العظيم [الكهف:49]
ومن ثم أقول: فما ذنب من يحبك أعظم من جنّة النّعيم والحور العين؟ فكيف يكون فرحاً مسروراً بجنة النّعيم والحور العين وحبيبه الأعظم الله ربّ العالمين ليس فرحاً مسروراً في نفسه بل مُتحسر على عباده الذين ظلموا انفسهم بل حسرتك ربي على عبيدك منذ أمدٍ بعيد وأنت تقول:
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾ }
صدق الله العظيم [يس]
ومن ثم يقول الإمام المهدي يا أحباب الله يا من تفيض أعينهم مما عرفوا من حقيقة اسم الله الأعظم، إنكم من القوم الذي يحبهم الله ويحبونه فهل ترضون بالحور العين وجنات النّعيم وحبيبكم الأعظم ليس راضٍ في نفسه ومُتحسر على عباده؟ فاتبعوني لتحقيق النّعيم الأعظم فيكون الله راضياً في نفسه، واعلموا أن الله لن يكون راضياً في نفسه حتى يجعل الأمم أمّة واحدة على صراطٍ مستقيمٍ وليس ذلك على الله بعزيز. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}
صدق الله العظيم,[يونس:99]
وتصديقاً لقول الله تعالى:
{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا أَن لَّوْ يَشَاءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً}
صدق الله العظيم [الرعد:31]
اللهم إني على ذلك لمن الشاهدين وما ذلك على الله بعزيز، وسلامُ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو البشر في الدم من حواء وآدم عبد النّعيم الأعظم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.