الإمام ناصر محمد اليماني
14 - 04 - 1431 هـ
30 - 03 - 2010 مـ
01:42 صـــباحاً
__________
تابــــــــــوت السكينــــــــــــــة..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, والحمد لله ربّ العالمين..
وأما بالنسبة لسؤالك عن التّابوت فقد أجبنا عليه قبل عدة سنين, وقلنا فإذا كان في التّابوت بقيةٌ مما ترك آل موسى وآل هارون وبما أن الذي يفتيهم بذلك نبي الله هاورن فهل تريدون أن يقول:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابوت فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وأنا}؟
أم تريدونه يقول: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابوت فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى ونحن}؟
بل لا بد له أن يقول:
{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
فما لكم كيف تحكمون! وكيف تتفكرون! فما خطبكم حتى ولو وجد الحقّ في مليون مسألة ومن ثمّ تأتي مسألة لم يفهمها أو لا يحيط بعلمها ويظنّ الإمام المهديّ نطق فيها بغير الحقّ فينقلب على عقبيه؟ أولئك كالأنعام.
ولكنك أيها السائل لستَ منهم؛ بل من المُكرمين بإذن الله كونك أردت أن تتبين الحقّ ولم تتولَ على عقبيك وثبتك الله على الصراط المستقيم, فهل فهمت الخبر؟ فقد وضحنا في بيانٍ سابقٍ قبل أكثر من ثلاث سنوات, وفصَّلنا تفصيلاً في حوارنا مع الأخ الكريم (حلمي 33) فلا أزال أذكر أن اسمه هكذا, وهو من القرآنيين وحاورني وسألني بذات سؤالك فأجبنا عليه إجابةً مفصلةً، غفر الله لكم وللإمام المهديّ معكم ولجميع المسلمين.
يا أخي الكريم، ألا تزال من أصحاب عقيدة العذاب في القبر؟ ألم نفصّل لكم الحقّ في ذلك تفصيلاً من محكم الكتاب أم إنكم لا تصدقون بالإسراء والمعراج وأن محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حقاً مرّ بأصحاب النّار يتعذبون في نار جهنم؟ وكذلك أراه الله جنّة المأوى في ليلة الإسراء والمعراج شاهد من آيات ربّه الكبرى ومنها الجنّة والنار؛ بل ذلك تصديقٌ لقول الله تعالى:
{وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
فقد أراه الله ذلك ليلة الإسراء والمعراج ومرّ بأهل النيران التي أُعدت للكافرين، وزار أهل الجنان التي أعدت للمتقين، أفلا تتفكرون إخواني المؤمنين؟ وسبق التفصيل من قبل في بيانٍ قديمٍ فصَّلنا فيه العذاب من بعد الموت في نار جهنم في ذات جهنم، ولم أنكر العذاب من بعد الموت لمن يشاء الله من الكافرين الذين أقام عليهم الحجة وإنما ننكر أن يكون في حفرة السوءة، فهل تريدون أن تشككوا الناس في دينكم؟ فالكذب حباله قصيرة فسرعان ما يكشفون حقيقة هذه العقيدة على الواقع فلن يجدوا ضلوعاً تحطمت ولا قبراً احترق!
ونحذر الذين يصورون للناس صور أشخاصٍ احترقوا نتيجة حوادث ومن ثمّ يجعل منها أسطورة أنها لشخصٍ تعذّب في قبره، فما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة، أفلا يتقون؟ وإنما أراد المنافقون أن يشككوا الناس في دينكم إلى يوم الدين، ألا والله لولا فرية عذاب القبر لدخل العالمين في دين الإسلام, ولكنهم لم يجدوا ما تعتقدون في عذاب القبور, ومن ثمّ يصرفوا التفكير عن دينكم ويقولون إنهم مُخرِّفون فلم نجد مما يعتقدون شيئاً، برغم أنها قبورٌ لكفارٍ نعلم أنهم كفار في حياتهم ولم تحترق قبورهم ولا تتحطم أضلاعهم، ولكني الإمام المهديّ الذي لا يقول على الله ما لا يعلم, وأفتينا في العذاب من بعد الموت أنه في جهنم في ذات جهنم للكفار الذين أقام الله عليهم الحجّة, وأما الكفار الذين لم تُقَم عليهم الحجّة فمثلهم كمثل الراقدين لا يشعرون بشيءٍ من لحظة موتهم؛ لا يشعرون لا بجحيمٍ ولا بنعيمٍ ولا يعلمون بالبعث يوم الدين, ولذلك أدهشهم حدث البعث وسألوا: "من الذي بعثني, ولماذا!"، فأخبرهم الذين حذَّرهم رسل الله من قبل بذلك.
وسلامٌ على المرسلين, والحمد لله ربّ العالمين..
____________
الإمام ناصر محمد اليماني
12 - 08 - 1428 هـ
04 - 09 - 2007 مـ
09:40 مــساءً
ـــــــــــــــــــــــــ
ثمّ أمّا بعد.. يا حلمي، فهل تريد أن يقول هارون بأن في التّابوت بقيةٌ مما ترك آل موسى وأنا؟ أو يقول فيه بقية مما ترك آل موسى ونحن؟ بل كان قوله:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كنتم مُّؤْمِنِينَ (248)}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
وكذلك هل تعلم بأن التّابوت في حد ذاته آيةٌ من الله أحضرته الملائكةُ إلى اليمّ لكي تقذف أمّ موسى بموسى في التّابوت؟ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ لما نفَّذت أمر الله، ولكن الله جعل ذلك آية لها لكي يطمئن قلبها وليست هي من صنع التّابوت؛ بل آيةٌ من الله يا حلمي لكي يطمئن قلب الأم على طفلها:
{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾}، برغم أن الله أمرها أن تلقيه في اليمّ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ - أحضرته الملائكة - لما نفذت أمر الله, وقال الله تعالى:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمرسلينَ}
[القصص:7]
وكانت مُترددةً، إذ كيف تقذفه في اليمّ! ولكن ذات مرةٍ أرضعته وفجأة رأت جنود فرعون يقصدون دارها للتفتيش وهنا تذكرت الأمر بأنها إذا خافت عليه أن تقذفه في اليمّ، فانطلقت به نحو اليمّ وهناك وجدت التّابوت فاطمأن قلبها ونفذت أمر ربّها، ثمّ قذفت بموسى في التّابوت، ثمّ قذفت التّابوت بيديها نحو الماء الجاري باليمّ ذلك لأن التّابوت كان رأسياً بأطراف الماء يا حلمي, وقال الله تعالى:
{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابوت فَاقْذِفِيهِ فِي اليمّ فَلْيُلْقِهِ اليمّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ}
صدق الله العظيم [طه:39]
وذلك هو تابوت السكينة, ولكن فرعون أخذ التّابوت, ومن ثمّ أخذته من فرعون امرأته؛ أخذت موسى عليه الصلاة والسلام بتابوته, وظل التّابوت في قصر فرعون حتى أورث الله موسى مُلك فرعون بما فيه التّابوت، وآلَ إلى موسى وهارون, ولكنه اختفى بعد موت موسى يا حلمي وحملته الملائكة كما أحضرته من قبل، وكان هارون يخلف موسى في قومه إذا غاب وكذلك خلفه من بعد موته ولو كانوا جميعهم قد تُوفوا لقال من بعد موسى وهارون ولكنّهُ حدد بأن موت موسى قبل هارون, وأن هارون هو خليفة موسى من بعده. وقال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾}
صدق الله العظيم [البقرة]
ولكنك حسبت بأن هارون أكبر من موسى فلا ينبغي أن يموت موسى قبل هارون! ذلك قولٌ بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً, ثمّ لماذا لا تسأل نفسك لماذا هذا النّبيّ لم يقُد بني إسرائيل حين أرادوا القتال في سبيل الله؟ وما كان جباناً يا حلمي ولكنه شيخٌ كبيرٌ, فهل تعلم بأنه تمّ دخول بني إسرائيل المسجد الأقصى بعد أربعين سنة؟ ولم يكن دخولهم بعد مئات السنين حتى تستبعد الأمر بأن يتعمّر هارون؛ بل كان قبل أربعين سنة في منتصف عمر رجُلاً قوياً, وكذلك موسى؛ لذلك قال ربِّ إني لا أملك إلا نفسي وأخي, وقال:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}
[المائدة]
قال تعالى:
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)}
صدق الله العظيم [المائدة]
بمعنى أنهم دخلوا المسجد الأقصى بعد أربعين سنة يا حلمي, وكذلك تجد هارون وزير موسى كان قبل أربعين سنة رجلاً قوياً, ولكنه بعد مُضي الأربعين لزمن التيه قد بلغ من الكبر عتيّاً, ومن بعد قوة ضعفاً وشيبةً يا حلمي.
وقد أعجبتني بأنك جادلتني من القُرآن, وتدبرك للقرآن كاد أن يكون تدبر أولي الألباب لولا القصور لفهم بعض الأمور, وأرجو من الله أن يزيدك نوراً وهُدًى إلى هُداك حتى يتمّ الله لك نورك, وكأنك صدقتني بتأويل الأحرف في أوائل بعض السور ثمّ تُنكر على ناصر محمد اليماني الحرف نون وتزعم بأنهُ يونس أو اسم السمكة! وهل وعد الله رسوله بأنه سوف يظهر أمره على يد رسول الله يونس أو السمكة؟ فتدبر القسم جيداً يا حلمي لعلك لا تُنكر علمي. وقال الله تعالى:
{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأيِيكُمُ الْمَفْتُونُ(6)}
صدق الله العظيم [القلم]
وقال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الحقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
صدق الله العظيم [الصف:9]
ثم إني أراك تُؤوِّلُ القُرآن بالظنّ وليس من نفس القرآن تستنبط التأويل وإلى الله قصد السبيل.
أخوك الإمام ناصر محمد اليماني.
14 - 04 - 1431 هـ
30 - 03 - 2010 مـ
01:42 صـــباحاً
__________
تابــــــــــوت السكينــــــــــــــة..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, والحمد لله ربّ العالمين..
وأما بالنسبة لسؤالك عن التّابوت فقد أجبنا عليه قبل عدة سنين, وقلنا فإذا كان في التّابوت بقيةٌ مما ترك آل موسى وآل هارون وبما أن الذي يفتيهم بذلك نبي الله هاورن فهل تريدون أن يقول:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابوت فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وأنا}؟
أم تريدونه يقول: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابوت فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى ونحن}؟
بل لا بد له أن يقول:
{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
فما لكم كيف تحكمون! وكيف تتفكرون! فما خطبكم حتى ولو وجد الحقّ في مليون مسألة ومن ثمّ تأتي مسألة لم يفهمها أو لا يحيط بعلمها ويظنّ الإمام المهديّ نطق فيها بغير الحقّ فينقلب على عقبيه؟ أولئك كالأنعام.
ولكنك أيها السائل لستَ منهم؛ بل من المُكرمين بإذن الله كونك أردت أن تتبين الحقّ ولم تتولَ على عقبيك وثبتك الله على الصراط المستقيم, فهل فهمت الخبر؟ فقد وضحنا في بيانٍ سابقٍ قبل أكثر من ثلاث سنوات, وفصَّلنا تفصيلاً في حوارنا مع الأخ الكريم (حلمي 33) فلا أزال أذكر أن اسمه هكذا, وهو من القرآنيين وحاورني وسألني بذات سؤالك فأجبنا عليه إجابةً مفصلةً، غفر الله لكم وللإمام المهديّ معكم ولجميع المسلمين.
يا أخي الكريم، ألا تزال من أصحاب عقيدة العذاب في القبر؟ ألم نفصّل لكم الحقّ في ذلك تفصيلاً من محكم الكتاب أم إنكم لا تصدقون بالإسراء والمعراج وأن محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حقاً مرّ بأصحاب النّار يتعذبون في نار جهنم؟ وكذلك أراه الله جنّة المأوى في ليلة الإسراء والمعراج شاهد من آيات ربّه الكبرى ومنها الجنّة والنار؛ بل ذلك تصديقٌ لقول الله تعالى:
{وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
فقد أراه الله ذلك ليلة الإسراء والمعراج ومرّ بأهل النيران التي أُعدت للكافرين، وزار أهل الجنان التي أعدت للمتقين، أفلا تتفكرون إخواني المؤمنين؟ وسبق التفصيل من قبل في بيانٍ قديمٍ فصَّلنا فيه العذاب من بعد الموت في نار جهنم في ذات جهنم، ولم أنكر العذاب من بعد الموت لمن يشاء الله من الكافرين الذين أقام عليهم الحجة وإنما ننكر أن يكون في حفرة السوءة، فهل تريدون أن تشككوا الناس في دينكم؟ فالكذب حباله قصيرة فسرعان ما يكشفون حقيقة هذه العقيدة على الواقع فلن يجدوا ضلوعاً تحطمت ولا قبراً احترق!
ونحذر الذين يصورون للناس صور أشخاصٍ احترقوا نتيجة حوادث ومن ثمّ يجعل منها أسطورة أنها لشخصٍ تعذّب في قبره، فما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة، أفلا يتقون؟ وإنما أراد المنافقون أن يشككوا الناس في دينكم إلى يوم الدين، ألا والله لولا فرية عذاب القبر لدخل العالمين في دين الإسلام, ولكنهم لم يجدوا ما تعتقدون في عذاب القبور, ومن ثمّ يصرفوا التفكير عن دينكم ويقولون إنهم مُخرِّفون فلم نجد مما يعتقدون شيئاً، برغم أنها قبورٌ لكفارٍ نعلم أنهم كفار في حياتهم ولم تحترق قبورهم ولا تتحطم أضلاعهم، ولكني الإمام المهديّ الذي لا يقول على الله ما لا يعلم, وأفتينا في العذاب من بعد الموت أنه في جهنم في ذات جهنم للكفار الذين أقام الله عليهم الحجّة, وأما الكفار الذين لم تُقَم عليهم الحجّة فمثلهم كمثل الراقدين لا يشعرون بشيءٍ من لحظة موتهم؛ لا يشعرون لا بجحيمٍ ولا بنعيمٍ ولا يعلمون بالبعث يوم الدين, ولذلك أدهشهم حدث البعث وسألوا: "من الذي بعثني, ولماذا!"، فأخبرهم الذين حذَّرهم رسل الله من قبل بذلك.
وسلامٌ على المرسلين, والحمد لله ربّ العالمين..
____________
الإمام ناصر محمد اليماني
12 - 08 - 1428 هـ
04 - 09 - 2007 مـ
09:40 مــساءً
ـــــــــــــــــــــــــ
ثمّ أمّا بعد.. يا حلمي، فهل تريد أن يقول هارون بأن في التّابوت بقيةٌ مما ترك آل موسى وأنا؟ أو يقول فيه بقية مما ترك آل موسى ونحن؟ بل كان قوله:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن ربّكم وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كنتم مُّؤْمِنِينَ (248)}
صدق الله العظيم [البقرة:248]
وكذلك هل تعلم بأن التّابوت في حد ذاته آيةٌ من الله أحضرته الملائكةُ إلى اليمّ لكي تقذف أمّ موسى بموسى في التّابوت؟ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ لما نفَّذت أمر الله، ولكن الله جعل ذلك آية لها لكي يطمئن قلبها وليست هي من صنع التّابوت؛ بل آيةٌ من الله يا حلمي لكي يطمئن قلب الأم على طفلها:
{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾}، برغم أن الله أمرها أن تلقيه في اليمّ ولو لم تجد التّابوت في اليمّ - أحضرته الملائكة - لما نفذت أمر الله, وقال الله تعالى:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمرسلينَ}
[القصص:7]
وكانت مُترددةً، إذ كيف تقذفه في اليمّ! ولكن ذات مرةٍ أرضعته وفجأة رأت جنود فرعون يقصدون دارها للتفتيش وهنا تذكرت الأمر بأنها إذا خافت عليه أن تقذفه في اليمّ، فانطلقت به نحو اليمّ وهناك وجدت التّابوت فاطمأن قلبها ونفذت أمر ربّها، ثمّ قذفت بموسى في التّابوت، ثمّ قذفت التّابوت بيديها نحو الماء الجاري باليمّ ذلك لأن التّابوت كان رأسياً بأطراف الماء يا حلمي, وقال الله تعالى:
{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابوت فَاقْذِفِيهِ فِي اليمّ فَلْيُلْقِهِ اليمّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ}
صدق الله العظيم [طه:39]
وذلك هو تابوت السكينة, ولكن فرعون أخذ التّابوت, ومن ثمّ أخذته من فرعون امرأته؛ أخذت موسى عليه الصلاة والسلام بتابوته, وظل التّابوت في قصر فرعون حتى أورث الله موسى مُلك فرعون بما فيه التّابوت، وآلَ إلى موسى وهارون, ولكنه اختفى بعد موت موسى يا حلمي وحملته الملائكة كما أحضرته من قبل، وكان هارون يخلف موسى في قومه إذا غاب وكذلك خلفه من بعد موته ولو كانوا جميعهم قد تُوفوا لقال من بعد موسى وهارون ولكنّهُ حدد بأن موت موسى قبل هارون, وأن هارون هو خليفة موسى من بعده. وقال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾}
صدق الله العظيم [البقرة]
ولكنك حسبت بأن هارون أكبر من موسى فلا ينبغي أن يموت موسى قبل هارون! ذلك قولٌ بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً, ثمّ لماذا لا تسأل نفسك لماذا هذا النّبيّ لم يقُد بني إسرائيل حين أرادوا القتال في سبيل الله؟ وما كان جباناً يا حلمي ولكنه شيخٌ كبيرٌ, فهل تعلم بأنه تمّ دخول بني إسرائيل المسجد الأقصى بعد أربعين سنة؟ ولم يكن دخولهم بعد مئات السنين حتى تستبعد الأمر بأن يتعمّر هارون؛ بل كان قبل أربعين سنة في منتصف عمر رجُلاً قوياً, وكذلك موسى؛ لذلك قال ربِّ إني لا أملك إلا نفسي وأخي, وقال:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}
[المائدة]
قال تعالى:
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)}
صدق الله العظيم [المائدة]
بمعنى أنهم دخلوا المسجد الأقصى بعد أربعين سنة يا حلمي, وكذلك تجد هارون وزير موسى كان قبل أربعين سنة رجلاً قوياً, ولكنه بعد مُضي الأربعين لزمن التيه قد بلغ من الكبر عتيّاً, ومن بعد قوة ضعفاً وشيبةً يا حلمي.
وقد أعجبتني بأنك جادلتني من القُرآن, وتدبرك للقرآن كاد أن يكون تدبر أولي الألباب لولا القصور لفهم بعض الأمور, وأرجو من الله أن يزيدك نوراً وهُدًى إلى هُداك حتى يتمّ الله لك نورك, وكأنك صدقتني بتأويل الأحرف في أوائل بعض السور ثمّ تُنكر على ناصر محمد اليماني الحرف نون وتزعم بأنهُ يونس أو اسم السمكة! وهل وعد الله رسوله بأنه سوف يظهر أمره على يد رسول الله يونس أو السمكة؟ فتدبر القسم جيداً يا حلمي لعلك لا تُنكر علمي. وقال الله تعالى:
{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأيِيكُمُ الْمَفْتُونُ(6)}
صدق الله العظيم [القلم]
وقال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الحقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
صدق الله العظيم [الصف:9]
ثم إني أراك تُؤوِّلُ القُرآن بالظنّ وليس من نفس القرآن تستنبط التأويل وإلى الله قصد السبيل.
أخوك الإمام ناصر محمد اليماني.